ولقد مضى رسولُ اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وخلّف من بعده ذرية وقربى وهم الذين يطلق عليهم اهل البيت.
واهل بيته يقولون : لو كان صحيحاً وحقا ان رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أبونا وجدنا ، وقد نشأنا في بيته وترعرعنا في حجره فاننا نقول انه قد ولد يوم كذا وتوفي يوم كذا فهل يبقى بعد ذلك مجال لأن نتجاهل قولهم ورأيهم ، ونختار ما يقوله الآخرون من الأبعدين ، وقديماً قالوا : أهل البيت ادرى بما في البيت؟ (١).
المعروفُ أن النورَ النبويَ الشريف استتقر في رحم آمنة ـ الطاهر في ايام التشريق وهي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة (٢) ، ولكن هذا الامر لا ينسجم مع الرأي المشهور بين عامة المؤرخين من كون ولادة النبيّ الاكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم في شهر ربيع الأول ، إذ في هذه الصورة يجب ان نعتبر مدة حمل « آمنة » به صلىاللهعليهوآلهوسلم إما ثلاثة أشهر واما سنة وثلاثة اشهر ، وكلا الامرين خارجان عن الموازين العادية في الحمل ، كما أنه لم يعدّهُ احدٌ من خصائص النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (٣).
ولقد عالَج المحققُ الكبير الشهيد الثاني ( ٩١١ ـ ٩٦٦ هـ ) هذا الإشكال بالنحو التالي إذ قال :
إنَ ذلك مبنيّ عَلى النسيُّ الّذي كانوا يفعلونه في الجاهلية ، وقد نهى اللّه تعالى عنه ، وقال : « إنَّما النسيُّ زيادَةٌ في الكُفْر ».
وتوضيح هذا هو أن أبناء « إسماعيل » كانوا تبعاً لاسلافهم يؤدون مناسك الحج في شهر ذي الحجة ، ولكنهم رأوا ـ في ما بعد ـ أن يحجّوا في كل شهر عامين
__________________
١ ـ ومن هنا لابد من الاعتراف بان ما ينقله ويكتبه الامامية من تفاصيل تتعلق بحياة رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم هي اقرب من غيرها إلى الحقيقة لأنها مأخوذة عن اقربائه وابنائه عليهمالسلام.
٢ ـ الكافي : ج ١ ، ص ٤٣٩ أبواب التاريخ باب مولد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ووفاته.
٣ ـ قد ذكر الطريحي فقط في مجمع البحرين في مادة شرق قولا بهذا لم يُسم قائله.