الحرب في شهر صفر ، وهذا هو معنى النسيء فلم يكن نسيء وتأخير للشهر الحرام في غير شهر محرَّم ، وفي الآية نفسها اشارةٌ إلى هذا المطلب : « يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحرِّمُونَهُ عاماً ».
والّذي نراه في حل هذه المشكلة هو : أن العرب كانوا يحجُّون في وقتين : أحدهما شهر ذي الحجة ، والثاني شهر رجب ، وقد كانوا يؤدُّون كلَ مناسك الحج في هذين الوقتين على السواء ، فيمكن أن يكون المقصودُ من حَمْل « آمنة » برسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في ايام التشريق هو شهر رجب فإذا اعتبرنا يوم ولادته هو السابع عشر من شهر ربيع الاول كانت مدة حمل « آمنة » به ثمانية أشهر واياماً.
وينبغي ان يحتفل المسلمون جميعاً بمولد النبي الاكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ويقيموا المهرجانات الكبرى في هذه المناسبة الشريفة الّتي كانت مبدأ الخير والبركة ، ومنشأ السعادة والكرامة للبشرية جمعاء ، وأية مناسبة احرى بالاحتفال والاحتفاء من هذ المناسبة؟
على ان اقامة مثل هذه الاحتفالات هو نوع من تكريم رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو امر مطلوب ومحبوب في الشريعة المقدسة.
فقد قال اللّه تعالى : « فالَّذين آمَنُوا بِه وَعَزَّرُوهُ وَنَصروُه واتّبعُوا النُورَ الَّذي اُنزِل مَعَهُ اُولئكَ هُمُ الْمُفلِحُونَ » (١).
وعزّر بمعنى كرَّم وبجّل كما في اللغة (٢) وهو لا يختص بزمان دون زمان ، فعلى المسلمين في كل وقت وزمان ان يعظّموا شأن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ويكرّمونه ، سواء في حياته أو بعد مماته ، لما له من فضل عظيم على الناس ، ولما
__________________
١ ـ الأعراف : ١٥٧.
٢ ـ راجع مفردات الراغب : مادّة عزر.