وقال بعضٌ : انه كان في العشرين من عمره وحيث أن هذه الحرب قد استمرت أربع سنوات. لهذا يمكن أن تكون جميع هذه الاقوال صحيحة (١).
وقيل في سببه : أن « النعمان بن المنذر » ملك الحيرة كان يبعث إلى سوق « عكاظ » في كل عام بضاعة في جوار رجل شريف من أشراف العرب ، يُجيرها له حتّى تباع هناك ويشتري بثمنها من أقمشة « الطائف » الجميلة المزر كَشة ممّا يحتاج إليه ، فأجارها « عروة الرجال الهَوازني » في تلك السنة ، ولكن « البراض بن قيس الكناني » انزعج لمبادرة « عروة » إلى ذلك ، فشكاه عند « النعمان بن المنذر » ولم يجد اعتراضه وشكواه ، فحسد على « عروة » حسداً شديداً ، فتَربَّص به حتّى غدر به في اثناء الطريق ، وبذلك لطّخ يده بدم هوازني.
وكانت قريش يومذاك حليف كنانه ، وقد اتفق وقوعُ هذا الأمر يوم كانت العرب مشغولة بالكسب والتجارة في سوق عكاظ ، فأخبر رجل قريشاً بمقتل الهوازنيّ على يد الكنانيّ ، ولهذا عرفت قريش وحليفتها بنو كنانة بالأمر قبل هوازن ، وأسرعوا في الخروج من « عكاظ » وتوجهوا نحو الحرم ( والحرم هو اربعة فراسخ من كل جانب من مكة ، وكانت العرب تحرّم القتال في هذه المنطقة ) ولكن هوازن علمت بذلك فلاحقت قريشاً وحليفتها فوراً ، وادركتهم قبل الدخول في الحرم فوقع بينهم قتال ، ولما جنّ الليل كفّوا عن الحرب فاغتنمت « قريش » وحليفتُها فرصة الليل ، وواصلت حركتها باتجاه الحرم المكي وبذلك نجت من خطر العدو.
ومنذ ذلك اليوم كانت تخرج قريش وحليفتها من الحرم بين الفينة والاخرى وتقاتل هوازن ، وقد شارك النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في بعض تلك الأيام مع أعمامه على النحو الّذي مرّ بيانه.
وقد استمر الامر على هذه الحال مدة أربع سنوات ، حتّى ان وُضعَت نهاية
__________________
١ ـ التاريخ الكامل : ج ١ ، ص ٣٥٨ و ٣٥٩ ، السيرة النبوية : ج ١ ، ص ١٨٤ الهامش ، تاريخ الخميس : ج ١ ، ص ٢٥٩.