بنفسه على هذه الأمر من دون سابق عهد ، ولهذا قال صلىاللهعليهوآلهوسلم لعمّه : فلعلّها أن ترسل إليّ في ذلك ، لأنّها تعرف بأنه المعروف بالأمين بين الناس.
فبلغ « خديجة » بنت خويلد ، ما دار بين النبيّ وعمه « أبي طالب » ، فبعثت إليه فوراً تقول له : إنّي دعاني إلى البعثة اليك ما بلغني من صدق حديثك وعظم أمانتك ، وكرم أخلاقك ، وأنا اعطيك ضعفَ ما اُعطي رجلا من قومك وابعثُ معكَ غلامين يأتمران بأمرك في السفر.
فاخبر رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم عمّه بذلك فقال له ابو طالب : « إنّ هذا رِزقٌ ساقهُ اللّهُ إليك » (١).
وهنا لابدّ من التذكير بنقطة في هذا المجال وهي :
هل عمل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أجيراً في أموال خديجة ، أم أنه قد عمل في تجارتها بصورة اُخرى كالمضاربة ، وذلك بأن تعاقد النبي مع خديجة على أن يتاجر بأموالها على أن يشاركها في ارباح تلك التجارة؟
انّ مكانة البيت الهاشميّ ، وإباء النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ومناعة طبعه ، كل تلك الاُمور والخصال توجب أن يكون عملُ النبيّ في أموال خديجة قد تمَّ بالصُورة الثانية ( أي العمل في تجارتها على نحو المضاربة لا الإجارة ) ، وتؤيّد هذا المطلب امور هي :
أولا : انه لا يوجد في اقتراح أبي طالب أيّة اشارة ولا أي كلام عن الإجارة ، بل قد تحاور أبو طالب مع إخوته ( أعمام النبيّ ) في هذه المسألة من قبل وقال : « امضوا بنا إلى دار خديجة بنت خويلد حتّى نسألها ان تعطي محمَّداً ما لا يتجربه » (٢).
__________________
١ ـ بحار الأنوار : ج ١٦ ، ص ٢٢ ، السيرة الحلبية : ج ١ ، ص ١٣٢ و ١٣٣ ، الكامل في التاريخ : ج ٢ ، ص ٢٤.
٢ ـ بحار الأنوار : ج ١٦ ، ص ٢٢.