شيئاً » (١).
أجل هذه هي « خديجة بنت خويلد » شرفٌ وعقلٌ ، وحبٌ عميق لرسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ووفاء وإخلاص ، وتضحية بالغالي والرخيص في سبيل الإسلام الحنيف.
هذه هي « خديجة » أول من آمنت باللّه ورسوله ، وصدّقت محمَّداً فيما جاء به عن ربه ، من النساء ، وآزره ، فكان صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يسمع من المشركين شيئاً يكرهه من ردّ عليه ، وتكذيب له الاّ فرّجَ اللّه عنه بخديجة الّتي كانت تخفف عنه (٢) ، وتهوّن عليه ما يلقى من قومه ، بما تمنحه من لطفها ، وعطفها ، وعنايتها به صلىاللهعليهوآلهوسلم ، في غاية الاخلاص والودّ والتفاني.
ولهذا كان رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يحبُّها حباً شديداً ويجلّها ويقدرها حق قدرها (٣) ، ولم يفتأ يذكرها ، ولم يتزوج عليها غيرَها حتّى رحلت وفاء لها ، واحتراماً لشخصها ومشاعرها ، وكان يغضب إذا ذكرها احدٌ بسوء ، كيف وهي الّتي آمنت به إذ كفر به الناسُ ، وصدّقته إذ كذّبه الناسُ ، وواسته في مالها إذ حرمهُ الناسُ.
ولهذا أيضاً كانت وفاتها مصيبة عظيمة أحزنت رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ودفعته إلى أن يسمّي ذلك العام الّذي توفي فيه ناصراه وحامياه ، ورفيقا آلامه ( زوجته هذه : خديجة بنت خويلد ، وعمه المؤمن الصامد الصابر ابو طالب عليهماالسلام ) بعام الحداد ، أوعام الحزن (٤) وان يلزم بيته ويقلّ الخروج (٥) ،
__________________
١ ـ الخصال : ج ٢ ، ص ٣٧ و ٣٨ ، كما في بحار الأنوار : ج ١٦ ، ص ٣.
٢ ـ اعلام النساء لعمر رضا كحالة : ج ١ ، ص ٣٢٨.
٣ ـ اعلام النساء : ج ١ ، ص ٣٣٠.
٤ ـ تاريخ اليعقوبي : ج ٢ ، ص ٣٥ ، وقد روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال بهذه المناسبة : « اجمتعت على هذه الاُمة مصيبتان لا أدري بأيهما أنا أشدّ جزعاً » المصدر نفسه ، وراجع تاريخ الخميس : ج ١ ، ص ٣٠١ نقلا عن سيرة مغلطاي.
٥ ـ السيرة الحلبية : ج ١ ، ص ٣٤٧ ، المواهب اللدنية حسب نقل تاريخ الخميس : ج ١ ، ص ٣٠٢ وفيه إضافة : ونالت قريش منه ما لم تكن تنال.