وكان رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أخذ « علياً » من أبيه وهو صغير في سنة اصابت قريشاً وقحط نالهم ، وأخذ حمزة جعفراً وأخذ العباس طالباً ليكفوا اباهم مؤونتهم ويخففوا عنهم ثقلهم ، وأخذ هو ( أي ابو طالب ) عقيلا لميله كان إليه فقال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم :
« اخترتُ مَن اختار اللّه لي عليكم : علياً » (١).
إن هذه الحادثة وإن كانت في ظاهرها تعني ان رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم اقدم على هذا الأمر ليساعِدَ عمَّه أبا طالب في تلك الازمة ، لكن الهدف الأعلى والأخير كان أمراً آخر وهو أنْ : يتربّى علي عليهالسلام في حجر النبي ، ويغتذي من مكارم اخلاقه ويتبعه في كريم افعاله.
ولقد اشار الإمام عليُّ عليهالسلام نفسُه إلى هذا الموضوع بقوله :
« وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعي مِنْ رَسُول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بالقَرابَةِ القريبَة وَالمَنزِلَةِ الخَصيْصَة وضعني في حجره وَأنا ولَد يَضمُّنِي إلى صَدْرهِ وَيَكنفُني في فِراشِه ... وَلَقَدْ كُنْتُ أَتَّبعُهُ اتّباعَ الفَصِيْل أَثر امِّه يَرفَعُ لِي في كُلِّ يَوْم مِنْ أخْلاقِهِ عَلَماً وَيأمُرُني بالإقتداء بِه » (٢).
تدلُ الدلائل التاريخيّة ، القوية ، فضلا عن الأدلة العقلية والمنطقية على أن النبي الاكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يعبُدْ غير اللّه تعالى منذ وُلِدَ من اُمّة ، والى أن رحل إلى ربه ، بل وكان كفلاؤه مثل عبد المطلب وأبي طالب مؤمنون موحِّدُونَ هم أيضاً
وأما عبد المطلب كفيل النبيّ الأوَّل فلا ننسى أنه عند ما قصد « أبرهة » هدم
____________
١ ـ مقاتل الطالبيين : ص ٢٦ ، الكامل في التاريخ : ج ١ ، ص ٣٧ ، السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٢٤٥ ـ ٢٤٧ باب ( ذكر أن عليّ بن ابي طالب رضي اللّه عنه اول ذكر أسلم ).
٢ ـ نهج البلاغة : الخطبة ١٩٢.