للناس بعد ما كان خاملا ذكره منسياً اسمُه.
ويؤيد هذا الاحتمال قوله سبحانه في سورة الانشراح الّتي نزلت لتحليل ما ورد في سورة الضحى قائلا : « المْ نشرَح لَك صَدرَك. وَوَضْعْنا عَنْكَ وزرَك. الّذي أنقَضَ ظهرَكَ. وَرَفَعْنا لَكَ ذِكرَك » (١).
فرفع ذِكْره في العالم عبارة عن هداية الناس إليه ورفع الحواجز بينه ، وبينهم وعلى هذا فالمقصود من « الهداية » هو هداية الناس إليه لا هدايته بعد ضلال ، فكأنه قال : فوجدك ضالا ، اي خاملا ذكرك ، باهتا اسمُك ، فهدى الناس اليك ، وسيّر ذكرك في البلاد.
وإلى ذلك يشير الإمام الرضا عليهالسلام على ما في خبر ابن الجهم بقوله : « قال اللّه عزّ وجلّ لنبيه محمَّد صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ألم يجدك يتيماً فآوى » يقول « ألم يَجدْكَ » وحيداً فآوى إليك الناسَ « وَوَجَدكَ ضالاّ » يعني عند قومك « فَهَدى » أي هَداهُمْ إلى معرفَتِك » (٢). قال الاستاذ الشيخ محمَّد عبده في هذا المجال :
لقد بُغِّضتْ إليه ( أي إلى رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ) الوثنيّةُ من مبدأ عمره فعاجلته طهارةُ العقيدة ، كما بادره حسنُ الخليقة ، وما جاء في الكتاب من قوله : « وَوَجدَكَ ضالاّ فَهدى » لا يُفهَم منه أنه كان على وثنية قبلَ الاهتداء إلى التوحيد ، أو على غير السبيل القويم ، قبل الخلق العظيم حاشَ للّه ، إنّ ذلكَ لهوَ الإفكُ المُبِين (٣).
استدلّوا بقول اللّه تعالى « والرُجْزَ فاهجُرْ » على وجود ارضية لعبادة الصنم
__________________
١ ـ الإنشراح : ١ ـ ٤.
٢ ـ بحار الأنوار : ج ١٦ ، ص ١٤٢.
٣ ـ رسالة التوحيد للشيخ محمَّد عبده : ص ١٣٥ و ١٣٦.