٢ ـ يقول الطبري وغيره من مؤرخي السيرة : ان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لما سمع نداء يقول : « يا محمَّد أنت رسول اللّه » أصابَهُ خوفٌ شديدٌ حتّى أنه همَّ بان يطرح نفسَهُ من أعلى الجبل ، فتبدى له ( ملَك الوحي ) ومنعه عن ذلك!!!
٣ ـ ثم إنَّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ذهب ليطوف بالكعبة بعد ذلك اليوم ، فرأى « ورقة بن نوفل » وشرح لورقة ما جرى له مع جبرئيل ، فقال له ورقة :
« والّذي نفسي بيده ، إنَّك لنبيَّ هذه الاُمة ، وقد جاءك الناموسُ الأكبرُ الّذي جاء موسى ولتُكذبَنَّه ، ولتوذينَّه ولتخرجَنَّه ولتقاتلنِه » فأحس « محمَّد » بأن ورقة يصدّقه ، فاطمأن (١).
إن الّذي نتصوره هو أن جميع هذه القصص مختلقة من الاساس ، وقد دُسَّت في التاريخ والتفسير عن قصد وهَدف ، أو دخلت فيهما عن غير ذلك.
وذلك :
أولاً : لأننا لتقييم هذه المزاعم يجب ان نلقي نظرة فاحصة إلى تاريخ الأنبياء الماضين وسيرهم.
إنَ القرآن الكريم قصَّ علينا قضاياهم ، وسيرهم ، وقد وردت في هذا المجال روايات وأخبار كثيرة.
وإننا لا نجد أيَ أثر لمثل هذه القصص المشينة في حياة أي واحد منهم.
إن القرآن الكريم يقص علينا قصة بدء نزول ( الوحي ) على « موسى » بشكل كامل ويبيّن جميع التفاصيل في قصته عليهالسلام ولا يذكر أي شيء من الخوف ، والارتعاش ، والوحشة والفزع ، بحيث يحدّث نفسه بالإنتحار على أثر سماع الوحي!! مع أن أرضية الخوف والفزع في مجال « موسى » كانت متوفرة
__________________
١ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٢٣٨.