ومراحل ، يتمثل أولُ مراتبه في الرؤيا الصادقة الّتي رآها رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
والمرتبة الاُخرى تمثلت في سماعة للنداء الغيبيّ الالهي من دون وساطة ملك.
وآخر تلك المراتب هو أن يسمع النبيُ كلام اللّه من ملك يبصره ويراه ، ويتعرف عن طريقه على حقائق العوالم الاُخرى.
وحيث أن النفس الإنسانية لا تستطيع في الوهلة الاولى تحمُّل مراتب ( الوحي ) جميعها دفعة واحدة بل لابدّ أن يتحملها تدريجاً ، لهذا يجب القول بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد سمع يوم المبعث ( اليوم السابع والعشرون من شهر رجب ) النداء السماويّ الّذي يخبره بأنه رسول اللّه ، فقط ولم تنزل في مثل هذا اليوم ايّة آية قط ، وقد استمر الأمر على هذا المنوال مدة من الزمان. ثم بعد مدة بدأ نزول القرآن الكريم على نحو التدريج ابتداء من شهر رمضان.
وخلاصة هذا الجواب هي أن ابتعاث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بالرسالة في شهر رجب لا يلازم نزول القرآن في ذلك الشهر حتماً.
وعلى هذا الاساس ما المانع من ان يُبعَث رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في شهر رجب ، وينزل القرآنُ الكريم في شهر رمضان من نفس ذلك العام؟
ان هذه الاجابة وإن كانت لا توافق كثيراً من النصوص التاريخية ( لأن كثيراً من المؤرخين صرّحوا بأنّ الآيات الخمس من سورة العلق نزلت في يوم المبعث نفسه ) إلاّ أن هناك ـ مع ذلك ـ روايات ذكرت قصة البعثة بسماع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للنداء الغيبيّ ، ولم تذكر شيئاً عن نزول قرآن أو آيات ، بل هي تشرح الواقعة على النحو التالي إذ تقول :
في ذلك اليوم سمع رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ملكاً يقول له : يا محمَّد إنّك لرسول اللّه ، وجاء في بعض الأخبار أنه سمع هذا النداء ، فقط ، ولم تذكر شيئاً عن مشاهدة الملك.
وللمزيد من التوضيح ، والتوسع يُراجع « البحار » في هذا المجال (١).
__________________
١ ـ بحار الأنوار : ج ١٨ ، ص ١٨٤ و ١٩٠ و ١٩٣ و ٢٥٣ ، الكافي : ج ٢ ، ص ٤٦٠ ، تفسير العيّاشي : ج ١ ،