للعبادة بدل شعاب مكّة ، ليستطيع القيام فيه بالتبليغ والعبادة بحريّة وأمان ، بعيداً عن أعين المشركين (١).
ولقد كان « عمّار بن ياسر » و « صهيب بن سنان » الروميّ ممّن آمنوا برسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذلك البيت (٢).
يشرع العقلاء من الناس من اصحاب البرامج الواسعة والمشاريع الكبرى اعمالهم الكبرى ـ عادة ـ من بدايات صغيرة ونقاط محددة ، فإذا حقّقوا نجاحاً في هذه البدايات بادروا إلى توسيع نطاق نشاطهم فوراً ، وهكذا جنباً إلى جنب مع النجاحات الّتي يحقّقونها في كل خطوة يوسّعون دائرة العمل ، ويجتهدون في تحقيق المزيد من النجاح ، والتكامل لما هم بصدده.
ولقد سأل أحد الشخصيات زعيماً في دولة كبيرة من الدول الكبرى المعاصرة : ما هو سرّ نجاحكم في الاعمال الإجتماعية وما هو الأمر الّذي يساعدكم على النجاح في مشاريعكم؟
فأجابه ذلك الزعيم قائلا : ان طريقة عملنا نحن الغربيّين تختلف عن طريقتكم انتم أهل الشرق ، فنحن دائماً نخطّطُ لمشاريع كبرى ونبدأ من مكان صغير ، وبعد إحراز النجاح نعمد إلى توسيع نطاق العمل ، وإذا اكتشفنا في منتصف الطريق خطأ برنامجنا غيّرنا اُسلوب عمَلنا ، وعَدلنا إلى طريقة اُخرى ، وبدأنا بعمل آخر.
أما أنتم الشرقيون فتدخلون ساحةَ العمل في برامجكم الكبرى من مكان كبير ، وتبدأون من نقطة واسعة ، وتحاولون تطبيق مشروعكم جملة واحدة ، فاذا واجهتم في خلال العمل طريقاً مسدودة لم يكن في إمكانكم ان ترجعوا من
__________________
١ ـ تاريخ الطبري : ج ٢ ، ص ٦١.
٢ ـ هذا البيت كان عند جبل الصفا ، وكان معروفاً إلى مدة ب « دار الخيزران » اُسد الغابة : ج ٤ ، ص ٤٤ ، السيرة الدحلانية بهامش السيرة الحلبية : ج ١ ، ص ١٩٢ ، السيرة الحلبية : ج ١ ، ص ٢٨٣.