وَصِيّي وَخَليفَتي فِيكُم »؟
ولما بلغَ النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى هذه النقطة ـ وبينما أمسك القومُ وسكتُوا عَن آخرهم إذ كان كلُ واحد منهم يفكِّرُ في ما يؤولُ إليهِ هذا الامرُ العظيمُ ، وما يكتنفهُ من أخطار ـ قام « عليّ » عليهالسلام فجأة ، وهو آنذاك في الثالثة أو الخامسة عشرة من عمره ، وقال وهو يكسر بكلماته الشجاعة ـ جدار الصمت والذهول ـ :
أنا يا رَسوُل اللّه أكونُ وَزيركَ عَلى ما بَعَثَكَ اللّه ».
فقال له رسولُ اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : إجلسْ ، ثم كرّر دعوته ثانية وثالثة وفي كل مرة يحجم القومُ عن تلبية مطلبه ، ويقوم « عليّ » ويعلن عن استعداده لمؤازرة النبيّ ، ويأمره رسولُ اللّه بالجلوس حتّى إذا كان في المرة الثالثة أخذ رسول اللّه بيده والتفت إلى الحاضرين من عشريته الاقربين وقال :
« إنَّ هذا أخي وَوَصيّي وَخَليفَتي فيكُمْ ( أو عَليْكُمْ ) فاسْمَعُوا لهُ ، وَأطِيْعُوا ».
فقامَ القوم يضحكون ، ويقولون لأبي طالب « قد أمرك أن تسمع لا بنكَ وتطيعَ وجعله عليك أميراً » (١).
إنَ ما كتبناه هو ـ في الحقيقة ـ خلاصةٌ لحديث مفصَّل رواه اكثر المفسرين والمؤرخين بعبارات مختلفة ، ولم يشكّك في صحّته أحدٌ ، بل اعتبروه من مسلَّمات التاريخ ، الا « ابن تيمية » الّذي اتخذ موقفاً خاص من أهل بيت النبيّ صلّى اللّه عليه وعليهم أجمعين.
إن تحريفَ الحقائق وقلبَها ، أو إخفاء الوقائع لهُو حقاً من أوضح مصاديق
__________________
١ ـ تاريخ الطبري : ج ٢ ، ص ٦٢ و ٦٣ ، تاريخ الكامل : ج ٢ ص ٤٠ و ٤١ ، مسند أحمد : ج ١ ، ص ١١١ ، وشرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد : ج ١٣ ص ٢١٠ و ٢١١.