قالوا : بلى.
قال : فاني نذير لكم بين يدي عذاب شديد.
ثم قال : إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل رأى العدو فانطلق يريد أهله فخشي أن يسبقوه إلى اهله فجعل يهتف : واصباحاه (١).
ولقد كانت قريش تعرف عن دينه بعض الشيء ، قبل هذا ولكنها تملَّكها الخوفُ هذه المرة ، وهي تسمعُ ذلك الانذار القويّ فبادر أحد قادة الكفر إلى تبديد تلك المخاوف فوراً إذ قال لرسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : تبّاً لك ، ألهذا دعوتنا؟ ، وتفرّق على أثرها الناس.
الثباتُ والإستقامة على طريق الهدف :
إن نجاح أيّ شخص مرهونٌ بأمرين :
الأول : الايمان بالهدف.
والثاني : الاستقامة والثبات والسعي الدائب لتحقيق ذلك.
إنَّ الإيمان هو المحرِّك الباطني والقوة الخفية الّتي تجر الإنسان شاء أم لم يشأ نحو الغاية الّتي يتوخاها ، وتسهِّل عليه الصعاب ، وتدعوه إلى العمل الدائب لتحقيق مقصوده ، لأن شخصاً كهذا يعتقد إعتقاداً قويّاً بأنَّ سعادته ، ومجده يتوقَّفان على ذلك.
وبعبارة اُخرى : إذا آمن انسان بأن سعادته ومجده يتوقفان على تحقيق هدف معيّن فانه سيندفع بقوة الإيمان نحو تحقيق ذلك الهدف ، متجاوزاً كل الصعاب ، ومتحدياً كل المشكلات في ذلك السبيل.
فالمريض الّذي يرى شفاءه في شرب دواء مرّ مثلا سيستسهل شُربه.
والغوّاص الّذي يعتقد إعتقاداً جازماً بأن ثمّة درراً غالية الثمن تحت أمواج البحر سيلقي بنفسه في قلب تلك الأمواج دونما خوف أو وجل ، ليخرج منها بعد
__________________
١ ـ السيرة الدحلانية بهامش السيرة الحلبية : ج ١ ، ص ١٩٤.