لأفعل به ما قلتُ لكم البارحة فلما دنوتُ منه عرضَ لي دونهُ ما لا رأيتُ مثلَه حياتي ، فتركتُه!! (١).
إنه ليس من شك في أنَّ قوة غيبيّة أدركتْ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بأمر اللّه تعالى في تلك اللحظة ، وصوّرت ذلك المنظر الرهيب وحفظت رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كما وعده تعالى وعداً لا خلف فيه إذ قال : « إنّا كَفيْناكَ المُسْتَهْزئيْن » (٢).
وهناك نماذج كثيرةٌ من أذى قريش لشخص رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم سجَّلها التاريخ في صفحاته ، وقد عقد « ابن الأثير » (٣) فصلا خاصّاً لهذا الموضوع ذكر فيه أسماء أعداء رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم الألدّاء ، في مكّة ، وبيّن أنواع ما كانوا يؤذُون به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وما قد مرّ ذكره في الصفحات السابقة ما هو إلاّ أمثلة على ذلك ، فقد كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يواجه في كل يوم نوعاً خاصاً من الأذى ، والمضايقة.
فقد رُوي أنَّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يطوف ذات يوم فشتمه « عقبة بن أبي معيط » وألقى عمامَته في عنقه ، وجرّه من المسجد ، فأخذوه من يده ، خوفاً مِن بني هاشم (٤).
ولقد تعرّض رسولُ اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لأذى لا مثيل له من جانب عمه « أبي لهب » وزوجته « اُم جميل » وقد كان رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يجاورهم ، فلم يألوا جهداً في إزعاجه وإيذائه فكم من مرّة ومرة ألقيا الرماد
__________________
١ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٢٩٨ و ٢٩٩.
٢ ـ الحجر : ٩٥.
٣ ـ الكامل في التاريخ : ج ٢ ، ص ٤٧ كما وعقد المجلسي رحمهالله في البحار : ج ١٨ باباً خاصاً بعنوان : « باب المبعث واظهار الدعوة وما لقي صلىاللهعليهوآلهوسلم من القوم » راجع من صفحة ١٤٨ إلى صفحة ٢٤٣.
٤ ـ السيرة الحلبية : ج ١ ، ص ٢٩٣ نظيره.