وبهذا اتضح أن هذه الآيات لا تدلُّ على ما استدل به النافون لمعاجز النبي الاكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وكان ممّا تَحججت به قريش على رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم انّهم قالوا :
لَوْ كانَ مُحمَّداً نبيّاً لشغَلته النبوةُ عن النساء ولأمكنه جمع الآيات ( اي لأتته الآيات دفعة واحدة ) ولأمكنه منعُ الموت عن اقاربه ولما مات أبو طالب وخديجة فنزل قولُه تعالى : « وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيّة وَما كانَ لِرَسُولِ أنْ يأَتي بآية إلا باِذن اللّه لِكل أجل كِتاب. يمحو اللّه ما يشاء وَيُثبت وَعِنْدَهُ اُمُّ الْكِتاب. وَإنْ مّا نرينَّك بعضَ الَّذي نَعدُهُمْ أو نَتوفينَّكَ فَإنَّما عَليْكَ البَلاغُ وَعَليْنا الْحِسابُ ».
وبذلك ردّ عليهم (١) (٢).
هذا القسم هو احدى النقاط الجديرة بالدراسة في تاريخ الإسلام ، لأن المرء قد يسائل نفسه ، لماذا ترى كانت قريش تعارض رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أشدّ المعارضة رغم أنها كانت تعتبره الصادق الأمينَ ولم تعهد منه انحرافاً أو خطأ قط وكانت تسمع كلامه الفصيح البليغ الّذي يأسر القلوب ، وربما شاهدوا حدوث بعض الخوارق للعادة ، الخارجة عن حدود القوانين الطبيعية على يديه.
إن لهذا التمرد والمعارضة إلى علة أو علل عديدة هي :
لقد عارض رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وخالفه فريقٌ ممن عارضه بسبب
__________________
١ ـ الرعد : ٣٨ ـ ٤٠.
٢ ـ بحار الأنوار : ج ١٩ ، ص ١٧ عن المناقب.