ولقد أجاب القرآن الكريم ايضاً على هذا السؤال إذ قال : صحيح أن آيات القرآن الكريم نزلت على نحو التدريج تبعاً لطائفة من المقتضيات والموجبات إلاّ أن هذا النزول التدريجي لا يمنع ابداً من ترابط مطالبه ، وارتباط مواضيعه بعضها ببعض ، فان اللّه تعالى أفاض على هذه الآيات إِنسجاماً وترابطا خاصاً يمكن الإنسان من تعلمها وضبطها وحفظها إذا أعطى الموضوعَ قليلا من الإهتمام إذ قال تعالى : « وَرتّلناه تَرتيلا » (١).
أي إنّنا أعطينا آيات القرآن نظاماً معيناً وترتيباً خاصاً.
٣ ـ لقد واجَه رسولُ اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في فترة رسالته ونبوّته فئات مختلفة من الناس : كالوثنيين ، واليهود والمسيحيين الذين كان لكل فئة منهم ديناً خاصاً ، وعقائد وتصورات خاصة حول المبدأ والمعاد ، وغيرهما من المعارف العقلية.
وقد كانت اللقاءات المختلفة هذه توجب أن يعمد الوحي الالهيّ إلى توضيح وبيان عقائد هذه الفئات ( وإن لم يكن مطلوباً ومقترحاً من قبلهم ) ويقيم الأدلة والبراهين على بطلانها ، وزيفها ، هذا من جانب.
ومن جانب آخر كانت هذه اللقاءات في أزمنة متفاوتة ، وأوقات مختلفة ، لهذا لم يكن بدّ من أن ينزل الوحيُ الالهي تدريجاً ، وفي الأوقات المختلفة ، ويتصدى لبيان بطلان تلك العقائد والتصورات ويجيب على شبهات المخالفين ، اعتراضاتهم.
وربما كانت توجب هذه المواجهاتُ العقائدية إلى أن يطرحوا على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بعض الاسئلة إمتحاناً واختباراً له وكان على النبيّ أن
__________________
١ ـ الفرقان : ٣٢.