يا راكباً بَلِّغن عَنّي مُغلْغَلة (١) |
|
مَن كانَ يرجُو بلاغَ اللّه والدّينِ |
كلَّ امرئ مِن عِباد اللّه مضطَهدٍ |
|
ببَطنِ مكّة مقهور ومفتونِ |
أنّا وجَدنا بِلادَ اللّه واسعةً |
|
تُنجِي مِنَ الذُلِّ والمخزاة والهون |
فَلا تُقيموا عَلى ذُلِّ الحَياة وَخز |
|
ي في المَماتِ وَعَيب غير مأمون (٢) |
ويقول ابن الاثير : وكان مسيرهم ( إلى الحبشة ) في رجب سنة خمس من النبوة وهي السنة الثانية من اظهار الدعوة فاقاموا شعبان وشهر رمضان وقدموا في شوال سنة خمس من النبوة ، وكان سبب قدومهم إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم انه بلغهم ان قريشاً اسلمت فعاد منهم قومٌ وتخلّف قومٌ (٣).
هذا ويمكن للقارئ الكريم أن يقف على تفاصيل هذا القسم في السيرة النبويّة لابن هشام (٤).
عندما بلغ قريشاً وزعماء « مكة » ما أصبح فيه المسلمون المهاجرون من أمن وحرية ، وما حصلوا عليه من حسن الجوار والطمأنينة والراحة في أرض الحبشة ثارت ثائرة الحسد والغيظ في قلوبهم ، وتوجسوا خيفة من نفوذ المسلمين في الحبشة لأن أرض الحبشة قد أصبحت قاعدة قوية للمسلمين ، وكانت الزعامةُ المكيةُ تتخوفُ من أن يجد أنصارُ الإسلام واتباعُه منفذاً إلى بلاط النجاشي زعيم الاحباش وملِكهم ، ويُميلّوا قلبَه نحو الإسلام ، ويكسبوا تاييده للمسلمين ، فيؤول الامر إلى أن يعبّئ جيشاً كبيراً للقضاء على حكومة المشركين الوثنيين في شبه الجزيرة العربية ، وعندها تكون الكارثة.
فاجتمع أقطابُ « دار الندوة » مرة اُخرى للتشاور في الأمر ، فأستقرّ رأيهم على أن يبعثوا إلى البلاط الحبشيّ من يقدم إلى النجاشيّ ووزرائه وقواده هدايا
__________________
١ ـ المُغلغلَة : الرسالة ترسَل من بلد إلى بلد.
٢ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣٥١ ـ ٣٥٣.
٣ ـ الكامل في التاريخ : ج ٢ ، ص ٥٢ و ٥٣.
٤ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣٥٤ ـ ٣٦٢.