فبثت قريش جواسيسها في الطرق المؤدية إلى مكة ليتصلوا بمن يلقونه من هؤلاء ويبادروا إلى منعه من الاتصال برسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم والايمان برسالته ، بشتى الحيل والاساليب.
واليك نموذجين حيّين من هذا الامر.
وكان من شعراء العهد الجاهلي البارزين ، وكانت قصائده تتناقلها مجالس السَمر القرشية ، وتتغنى بها محافل انسهم.
وقد بلغ « الاعشى » في كبره نبأ ما جاء به رسولُ اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم من التوحيد ومن تعاليم الإسلام العظيمة ، وكان يعيش في منطقة نائية عن مكة ، حيث لم تصل اليها أشعة الرسالة الإسلامية على وجه التفصيل بعد ، ولكن ما قد سمع به من تعاليم الإسلام على نحو الاجمال قد اوجد في نفسه هياجاً خاصاً وحرّك مشاعره فأنشأ قصيدة مطوّلة يمدح فيها رسولُ اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم خرج إلى مكة ليهديها إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو في نفس الوقت يريد الإسلام.
ورغم ان تلكم القصيدة لا تتجاوز أبياتُها ٢٤ بيتاً ، ولكنها تُعدّ من أفضل وافصح ما قيل من الشعر في الإسلام ، وفي رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في العهد النبوي ويوجد نصّها الكامل في ديوان « الأعشى » وقد قال فيها وهو يذكر بعض تعاليم الإسلام :
نَبيّاً يرى ما لا يَرون وذكرُه |
|
أغار لعَمري في البلاد وأنجدا |
فاياك والميتات لا تقربنّها |
|
ولا تاخذن سَهماً حديداً لتفصدا |
وذا النُصب المنصوب لا تُنسكُنَّه |
|
ولا تعبد الأوثان واللّه فاعبُدا |
ولا تقربنَّ حُرَّة كان سرُّها |
|
عليك حراماً فانكحن اوتأبّداً |
وذا الرحم القربى فلا تقطعنَّه |
|
لعاقبة ، ولا الاسير المقيِّدا |
وسبِّح على حين العشيات والضحى |
|
ولا تحمَد الشيطان واللّه فاحمدا |