« الوليد » الّذي عاقه كبر سنه عن السجود!!
وفرح المشركون ، وارتفعت نداءاتهم يقولون : لقد ذكر « محمَّد » آلهتنا بخير.
وانتشر نبأ هذه المصالحة والتقارب بين رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم والمشركين ، المهاجرين إلى الحبشة ، فعاد على أثرها جماعة منهم إلى مكة ، ولكنّهم ما أن كانوا على مشارف « مكة » إلاّ وعرفوا بأن الأمر تغير ثانية ، وأن ملك الوحي نزل على النبيّ وأمره مرة اُخرى بمخالفة الاصنام ومجاهدة الكفار والمشركين ، وأخبره بأن الشيطان هو الَّذي أجرى تينك الجملتين على لسانه ، وانه لم يقله وأنه ليس من « الوحي » في شيء أبداً.
وعندئذ نزلت الآيات ( ٥٢ ـ ٥٤ ) من سورة « الحج » الّتي يقول اللّه تعالى فيها : « وَما أرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُول وَلا نَبِيٍّ إلاّ إذا تَمنّى ألْقى الشَيْطانُ في اُمْنِيّتِه فَيَنْسَخُ اللّه ما يُلْقي الشيْطانَ ثم يُحكِمُ اللّه آياتِهِ وَاللّه عَلِيمٌ حَكيْمٌ ».
« لِيَجْعَلَ ما يُلْقي الشَيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذين فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسيَةِ قُلُوبِهم ، وإن الظّالِمينَ لَفِيْ شِقاق بَعِيْد وَلِيَعْلَمَ الَّذينَ اُوتُوا العلْم أَنَّه الحقّ مِنْ رَبّك فيُؤمنُوا به فتُخبتُ لَهُ قُلُوبُهم وإنّ اللّه لَهادِ الَّذينَ آمَنُوا إلى صِراط مُسْتقيمْ ».
هذه هي خلاصة اُسطورة « الغرانيق » الّتي أوردها « الطبري » في تاريخه (١) ويذكرها ويردّدها المستشرقون المغرضون بشيء كبير من التطويل والتفصيل!!
لنفترض أن « محمّداً » لم يكن نبياً مرسلا ولكن هل يمكن لأحد أن ينكر ذكاءه وحنكته ، وفطنته وعقله.
فهل لعاقل فَطِن ، محنَّك لبيب مثله أن يفعل مثل هذا؟
ان الذكيّ اللبيب الّذي يجد انصاره يتكاثرون ويتزايدون يوماً بعد يوم
__________________
١ ـ تاريخ الطبري ج ٢ ، ص ٨٥ و ٧٦.