وتقوى صفوفهم اكثر فاكثر بينما تتفرقُ صفوفُ أعدائه ومناوئيه ويتناقص معارضوه وخصومُه ، هل يقدم في مثل هذه الحالة على عمل يوجب ان يسيء الجميعُ ظنَهم به ، ويشك الصديق والعدوُ في أمره؟!
هل تصدّق أنت أيها القارئ الكريم أن رجلا ترك جميع الأموال والمناصب الّتي عرضتها قريش عليه ، في سبيل دينه الحنيف ، وعقيدة التوحيد أن يصبح مرة اُخرى من دعاة الشرك ، ومروّجي الوثنية؟؟!
إننا لن نصدّق بمثل هذا الاحتمال في حق مصلح أو سياسي عادي من الساسة والمصلحين فكيف برسول الله ونبيّه العظيم.
١ ـ إن العقل يحكم بان المرشدين الذين يبعثهم اللّه تعالى إلى البشرية لهدايتها وارشادها ، وتزكيتها وتعليمها مصونون عن أي خطأ وزلل بقوة ( العصمة ) الّتي اُوتوها ، إذ لو تعرض مثل هؤلاء إلى الخطأ والزلل في اُمور الدين لزالت ثقة الناس بهم وبكلامهم.
يجب علينا ان نقارن بين أمثال هذه القصص ، وبين هذا الأصل العقائديّ المنطقي ونعالج بواسطة معتقداتنا القوية المبرهَنة متشابهات التاريخ ومعضلاته.
إنّ من المسلَّم أن عصمة رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كانت تمنعه وتحفظه من أي نوع من هذه الحوادث في تبليغ رسالته السماوية.
٢ ـ ان هذه الاسطورة تقوم أساساً على أن النبيّ قد تعب من أداء مهمَّته الّتي ألقاها اللّه سبحانه عليه ، وقد شقَّ عليه ابتعاد الوثنيّين عنه ، فكان يبحث عن مخلَص من هذا الوضع المتعِب ، يكون طريقاً ـ حسب تصوره ـ إلى إصلاح وضعهم!!
ولكن العقل يقضي بأن على الانبياء أن يكونوا صابرين حلماء أكثر ممّا يتصور ، وأن يكونوا مضرب المثل عند الجميع في ذلك ، فلا يُحدّثوا أنفسَهم بالتهرّب من المسؤولية وترك الساحة مطلقاً ، مهما اشتدّت الظروف ، وتأزّمت