لأولاده الجسمانيّين ، ولهذا فهو يدافع عن عقائده حتّى الموت ، ويغضي ـ في سبيل الدفاع عن حوزة العقيدة والحفاظ عليها ـ عن كل شيء بينما هو غير مستعدّ لأن يضحي بنفسه في سبيل الحفاظ على اولاده.
إنّ حب المرء للمال والمنصب حبُّ محدود ، فهو ينساق مع هذا الحبّ مادام لم يهدّد حياته خطرُ الموت الحقيقي ، ولكنّه مستعد لأن يمضي ـ في سبيل الدفاع عن حياض العقيدة ـ إلى حدّ الموت ، ويؤثر الموت الشريف في سبيل العقيدة على الحياة ، ويَرى الحياة الحقيقية والواقعية في وجود الرجال المجاهدين ، وهو يردد :
« إنما الحياة عقيدة وجهاد ». (١)
ولنلق نظرة فاحصة على حياة بطل حديثنا ( ونعني به المدافع الوحيد عن الإسلام وحامي الرسول الاوحد في بدايات عهد الرسالة ) فماذا كان دافعه إلى هذا الامر ، وما الّذي كان يحركه في هذا السبيل؟ واي شيء كان وراء مضيه في هذا الطريق إلى حافة العدم ، والغض عن النفس والنفيس ، والمقام ، والقبيلة وغير ذلك والتضحية بكل ذلك في سبيل « محمّد » صلىاللهعليهوآلهوسلم.
إن من المتيقَّن أن دافعه إلى ذلك لم يكن المحرك الماديّ ، وبالتالي لم يقصد من وراء الدفاع عن ابن اخيه ، وحمايته ، والحدب عليه ، كسب أمر مادي كتحصيل مال وثروة ، لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن له يومئذ مالٌ ، ولا ثروة.
وكما أن مقصود « أبي طالب » لم يكن أيضاً تحصيل مقام ، وأحراز مكانة اجتماعية لأنه كان يملك في ذلك المجتمع أعلى المناصب واهمها ، فقد كانت له رئاسه « مكة » والبطحاء ، بل هو فقد منصبه وشخصيته الممتازة ومكانته المنقولة بسبب دفاعه عن « محمّد » ، وعدم الاستجابة لقومه في تسليمه اليهم ، والتخلي عنه لأن دفاعه عن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قد استوجب سخط زعماء قريش عليه واستياءهم من موقفه ، وخروجهم عن طاعته ، ودفعهم إلى التمادي
__________________
١ ـ المراد من العقيدة المقدسة هو بطبيعة الحال ما تذوب « الأنا » فيها في التوحيد والايمان باللّه إذ هنا يصدُق قولُه :
قِف عند رأيك واجتهد |
|
إنّ الحياة عقيدةٌ وجِهاد |