وآله من مكة إلى المدينة ، وتوفي المطعم في أوائل الهجرة في مكة ، ولما بلغ رسول اللّه نبأ موته تذكّر صلىاللهعليهوآلهوسلم إحسانه وجوارَه ، وانشأ حَسّان بن ثابت شاعر الإسلام شعراً يمدحُه فيه تقديراً لخدمته.
وكان رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يتذكره كثيراً ، حتّى انه تذكره في واقعة « بدر » الّتي انهزمت فيها قريش وعادت منكسرة إلى مكة بعد أن خسرت كثيراً من رجالها واسر منها عدد كبير ، فتذكر مطعم بن عدي ثمة وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم :
« لو كان مطعم بن عَديّ حياً لو هبت له هؤلاء » (١).
إنَّ سفر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الطائف يكشف عن اصراره في اداء رسالته واستقامته وصبره صلىاللهعليهوآلهوسلم كما ان تذكُّره لإحسان مطعم في المواقع المناسبة يقودنا إلى خصاله الحميدة وسجاياه. الفاضلة ، وخلقه العظيم.
ولكن الاهمَّ من هذا وذاك هو أننا نستطيع من خلال هذا تقييم خدمات أبي طالب القيمة ، ومعرفة اهميتها الكبرى عند رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بمقايستها مع ما فعله مطعم.
فان مطعم لم يفعل شيئاً إلاّ أن اجار رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وحماه يوماً أو بعض يوم.
بينما حدب أبو طالب على رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ودافع عنه وخدمه عمراً كاملا ، ولقى في سبيله من المحن والمتاعب ما لم يلق مطعم منها ولا شيئاً ضئيلا.
فاذا كان رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يعلن عن استعداده للافراج عن جميع الاسرى في « بدر » تقديراً لما قام به مطعم من اجارة بسيطة قصيرة ، فماذا
__________________
١ ـ المغازي للواقدي : ج ١ ، ص ١١٠ ثم قال الواقدي : وكانت لمطعم بن عدي عند النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم اجارة حين رجع من الطائف ، طبقات ابن سعد : ج ١ ، ص ٢١٠ و ٢١٢ ، البداية والنهاية : ج ٣ ، ص ١٣٧.