وكان رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يلتقي في مواسم الحج في هذه النقاط برؤساء القبائل العربية واشرافها ، ويقف على منازلهم منزلا منزلا ، ويعرض دينه عليهم ، ويدعوهم إلى اللّه ويخبرهم أنه نبيُّ مرسل (١).
وربما مشى خلفه عمُّه « أبو لهب » فاذا فرغ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله وما دعا به قال أبو لهب فوراً للناس : يا بني فلان إن هذا إنما يدعوكم أن تسلخوا اللات والعزى من أعناقكم ، إلى ما جاء به من البدعة والضلالة ، فلا تطيعوه ولا تسمعوا منه.
وقد قدمت جماعة من بني عامر إلى مكّة فدعاهم رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الإسلام وعرض عليهم نفسه ، فقبلوا أن يعتنقوا الإسلام إلاّ أنهم اشترطوا عليه أن يكون إليهم خلافته من بعده إذ قالوا : أرأيتَ إن نحن تابعناك على أمرك ثم أظهركَ اللّهُ على مَن خالفَك أيكونُ لنا الأمرُ من بعدك؟
فقال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الأمرُ إلى اللّهِ يَضَعه حيثُ يشاءُ ».
فرفضوا اعتناق الإسلام والإيمان باللّه ورسوله.
ثم لما عادوا إلى أوطانهم رَجَعُوا إلى شيخ لهم طاعن في السنّ لم يقدر أن يحجَّ معهم وكان ذا بصيرة وفهم فحدّثوه بما جرى بينهم وبين رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وقالوا : جاءنا فتى من قريش من بني عبد المطلب يزعم أنه نبي يدعونا إلى أن نمنعه (٢) ونقوم معه.
فوضع الشيخ يديه على رأسه ووبَّخَهُم على رفضهم لدعوة الرسول وقال :
__________________
١ ـ قال ابن هشام : كان صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يسمع بقادم يقدم مكة من العرب له اسم وشرف إلاّ تصدّى له فدعاه إلى اللّه وعرض عليه ما عنده.
٢ ـ أي نحميه.