وزعماؤها وبدأ متكلمهم (١) يتحدث عن تجمع القوى والعناصر الإسلامية وتمركزها في المدينة والبيعة الّتي تمت بين الخزرجيين والأوسيين وبين رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم اضاف قائلا :
يا معشر قريش إنه لم يكن أحدٌ من العرب أعَزَّ مِنّا ، نحن أهل اللّه تفد إلينا العرب في السنة مرتين ، ويكرموننا ، ونحن في حرم اللّه لا يطمع فينا طامعٌ ، فلم نزل كذلك حتّى نشأ فينا « محمّد بن عبد اللّه » فكنّا نسمّيه ( الأمين ) لصلاحه ، وسكونه ، وصدق لهجته ، حتّى إذا بلغ ما بلغ وأكرمناه ادّعى أنه رسول اللّه ، وأن أخبار السماء تاتيه ، فسفّه أحلامنا ، وسبّ آلهتنا ، وأفسد شبّاننا ، وفرق جماعتنا ، فلم يرد علينا شيء أعظم من هذا ، وقد رأيت فيه رأياً ، رأيت أن ندسّ إليه رجلا منّا ليقتله ، فان طلبت بنو هاشم بدمه (٢) اعطيناهم عشر ديات.
فقال رجلٌ مجهول حضر ذلك المجلس ووصف نفسه بانه نجدي : ما هذا برأي لأن قاتل محمّد مقتول لا محالة ، فمن هذا الّذي يبذل نفسَه للقتل منكم؟ فانه إذا قُتِل محمّد تعصّب بنو هاشم وحلفاؤهم من خزاعة ، وإن بني هاشم لا ترضى أن يمشي قاتل محمّد على وجه الارض فيقع بينكم الحروب وتتفانوا.
فقال أبو البختري : نلقيه في بيت ونلقي إليه قوته حتّى يأتيه ريبُ المنون.
فقال الشيخ النجديّ مرةً اُخرى : وهذا رأيٌ أخبث من الآخر ، لأن بني هاشم لا ترضى بذلك ، فاذا جاء موسمٌ من مواسم العرب استغاثوا بهم ، واجتمعوا عليكم فاخرجوه.
فقال ثالث : نُخرجه من بلادنا ونتفرّغ نحن لعبادة آلهتنا ، أو قال نرحّل بعيراً صعباً ونوثّق محمّداً عليه كتافا ، ثم نضربُ البعيرَ بأطراف الرماح فيوشَكُ أن يقطّعه بين الصخور والجبال إرباً إرباً.
فانبرى ذلك النجدي يخطّئ هذا الرأي أيضاً قائلا : أرايتم إن خلص به
__________________
١ ـ وروي انه كان المتكلم : أبوجهل.
٢ ـ وفي رواية : بديته.