الكريم ، عن طريق الأسباب العادية المألوفة ، وليس عن طريق التدخّل الغيبيّ وإعمال قدرته تعالى الغيبية.
ويدل على هذا المطلب أنَّ النبيّ توسل بالعِلل الطبيعية ، والوسائل والأسباب العادية ( كمبيت شخص في فراش النبيّ ، واختفاء رسول اللّه في الغار وغير ذلك مما سيأتي ذكره ) ، وبهذا الطريق نجّى رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم نفسه ، وتخلصّ من أيدي اعدائه ، العازمين على إراقة دمه.
لقد اخبر ملك الوحي « جبرئيل » رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بخطة قريش المشؤومة لاغتياله وامره بالهجرة ، وتقرر ـ بغية إفشال عملية الملاحقة ـ ان يبيت شخصٌ في فراش رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ليتصوّر المشركون أنَّ النبيّ لا يزال في منزله ، ولم يخرج بعد ، وبالتالي يركّزوا كلّ إهتمامهم على محاصرة البيت ، وينصرفوا عن مراقبة طرقات مكة ، ونواحيها.
ولقد كانت فائدة هذا العمل اي حصر اهتمام المراقبين ببيت النبيّ انه تسنى لرسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم اغتنام الفرصة والخروج من مكة ، والاختفاء في مكان مّا من دون ان يحس به أحد من الذين باتوا يراقبون بيته ، ويبغون قتله.
والآن يجب أن نرى مَن الّذي تطوَّع للمبيت في فراش رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وفدى النبيّ بنفسه ، ووقاه بحياته؟
ستقولون حتما : إن الّذي سبق جميع المسلمين إلى الايمان برسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وبقي من بدء بعثته وإلى ذلك الحين يذب عنه ، هو الّذي يتعيَّن أن يضحّي بنفسه في هذا السبيل ، ويقي رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بحياته في هذه اللحظة الخطيرة ، وهذا المضحّي بحياته ونفسه ، هو « عليّ » ليس سواه احد ، انه تقدير صحيح ، وحدس مصيب.
فليس غير « علي » يصلح لهذه المهمة الخطيرة.