وروى فريق آخرٌ أن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ذهب في نفس الليلة إلى بيت أبي بكر ، ثم خرجا معاً في منتصف الليل إلى غار ثور (١).
وقال فريق ثالث : أن أبابكر جاء هو بنفسه يريد النبيّ وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم قد خرج من قبل فأرشدهُ « عليّ » إلى مخبأ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وعلى كل حال فان كثيراً من المؤرخين يعُدّون هذه المصاحبة من مفاخر الخليفة ومناقبه ، ويذكرون هذه الفضيلة ويتحدثون عنها بكثير من الاسهاب والاطناب ، وبمزيد من الاكبار والاعجاب.
لقد تسبب فشل قريش في تغيير خطتها ، فقد بادرت إلى بث العيون والجواسيس في طرقات مكة ، ومراقبة مداخلها ومخارجها مراقبةً شديدةً ، وبعثت القافّة تقتص أثره في كل مكان ، وفي طريق مكة ـ المدينة خاصة.
ومن جانب آخر جعلت مائة ابل لمن يأخذ نبي اللّه ، ويردّه عليهم أو يأتي عنه بخبر صحيح.
وعمد جماعةٌ من قريش إلى ملاحقة رسول اللّه والتفتيش عنه في شمال مكة ، حيث الطريق المؤدي إلى المدينة ، على حين أن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان قد اختبأ ـ كما قلنا ـ في نقطة بجنوب مكة لافشال عملية الملاحقة.
وتصدت مجموعة اُخرى لتتبع أثر قدم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ورفيقه!!
وكان الّذي يقفو لهم الأثر يدعى أبا مكرز فوقف بهم على باب حجرة رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال هذه قدم محمّد ، فما زال بهم حتّى أوقفهم على باب الغار فانقطع عنه الأثر فقال : ما جاوز محمد ومن معه هذا المكان ، إما أن يكونا صعدا إلى السماء أو دخلا تحت الأرض ، فان بباب هذا الغار ـ كما ترون عليه ـ نسجُ
__________________
١ ـ تاريخ الطبري : ج ٢ ، ص ١٠٠.