إن لهذه التضحية والتفاني من القيمة العظمى بحيث مدحها اللّه تعالى في كتابه العظيم ، ووصفها بأنها كانت تضحية صادقة لكسب مرضاة اللّه ، فان الآية التالية نزلت ـ حسب رواية اكثر المفسرين ـ في هذا المورد : « وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْري نَفْسَهُ ابْتِغآء مَرْضاتِ اللّهِ وَاللّهُ رؤوفٌ بِالْعِباد » (١).
ان عظمة هذه الفضيلة واهمية هذا العمل التضحويّ العظيم دفعت بكبار علماء الإسلام إلى اعتبارها واحدة من أكبر فضائل الامام علي عليهالسلام وإلى أن يَصِفُوا بها علياً بالفداء والبذل والايثار ، وإلى أن يعتبروا نزول الآية المذكورة في شأنه من المسلّمات كلّما بلغ الحديث في التفسير والتاريخ اليها (٢).
إنَّ هذه الحقيقة مما لا ينسى أبداً فانه من الممكن اخفاء وجه الواقع والتعتيم عليه بعض الوقت إلا أنه سرعان ما تمزق أشعةُ الحقيقة الساطعة حجبَ الاوهام ، وتخرج شمس الحقيقة من وراء الغيوم.
إنّ معاداة معاوية لأهل بيت النبوة وبخاصة للامام أمير المؤمنين عليهالسلام مما لا يمكن النقاش فيه.
فقد أراد هذا الطاغية من خلال تطميع بعض صحابة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يلوّث صفحات التاريخ اللامعة ويخفي حقائقه بوضع الاكاذيب ، ولكنه لم يحرز في هذا السبيل نجاحاً.
فقد عمد « سمرة بن جندب » الّذي ادرك عهد رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم انضمّ بعد وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى بلاط معاوية بالشام ، عمد إلى تحريف الحقائق لقاء اموال أخذها من الجهاز الأموي ، الحاقد على أهل البيت.
فقد طلب منه معاوية باصرار أن يَرقى المنبر ويكذّب نزول هذه الآية في شأن
__________________
١ ـ البقرة : ٢٠٧.
٢ ـ مسند احمد : ج ١ ، ص ٨٧ ، وكنز العمال : ج ٦ ، ص ٤٠٧ ، وقد نقل كتاب الغدير : ج ٢ ، ص ٤٧ ـ ٤٩ طبعة لبنان مصادر نزول هذه الآية في شأن علي عليهالسلام على نحو التفصيل ، فراجع.