لفرط الحزن فلم تمنع الدرارىّ من النجوم أن تظهر ، وهذا هو الذى يذكره الشعراء عند تهويل الرزية بالمفقود ، انتهى
وطالعته فى نسختين صحيحتين جدا من الكامل مضبوطة بالرفع على الخبرية ، وجملة «ليست بكاسفة» صفة لطالعة ، وجملة «تبكى» خبر ثان
وزعم الفيومى فى المصباح (١) أن طالعة وتبكى حالان ؛ فانه قال : فى البيت تقديم وتأخير ، والتقدير الشمس فى حال طلوعها وبكائها عليك لبست تكسف النجوم والقمر لعدم ضوئها ؛ هذا كلامه
وقال ابن خلف : يجوز أن تكون جملة «تبكى» حالا إما من الشمس أو من التاء فى ليست (٢) كأنه قال : ليست فى حال بكاء ، وقد تكون سادة مسدّ خبر ليس ، انتهى
والوجه الأول مأخوذ من كلام ابن السيد فى شرح أبيات المعانى ، وهو إنما يتمشى على مذهب سيبويه القائل بجواز مجىء الحال من المبتدأ ، والوجه الثانى فاسد ؛ لأن بكاءها بيان لكسفها النجوم ، والوجه الثالث خطأ معنى وإعرابا (٣)
وقول المبرد «يجوز أن يكون أراد بهما الظرف» يريد أن الشاعر أقامهما مقام مصدر محذوف هو المراد به معنى الظرف ، فكأنه قال : دوام نجوم الليل والقمر : أى فى مدة دوامهما ، فحذف المضاف وأعرب المضاف إليه باعرابه ، ويكون
__________________
(١) أنظر مادة (ك س ف) من المصباح
(٢) العبارة غير صحيحة فنيا لأن التاء حرف دال على التأنيث فلا يجىء منه الحال ، وغرضه أن طالعة حال من الضمير المستتر فى ليس المدلول على تأنيثه بالتاء
(٣) أما فساده معنى فلأن حاصل تقدير الكلام : ليست الشمس موجودة فى حال بكاء عليك ، وهذا غير المراد ، وأما فساده من جهة الاعراب فلأن محل سد الحال مسد الخبر إذا كان المبتدأ مصدرا صريحا أو مؤولا أو كان اسم تفضيل مضافا إلى المصدر وليس هذا واحدا منها