وقد أنهى بعض المتأخرين ذلك إلى نيّف وثلاثين موضعا ، وما لم أذكره منها أسقطته ؛ لرجوعه إلى ما ذكرته ؛ أو لأنه ليس بصحيح.
* * *
والأصل فى الأخبار أن تؤخّرا |
|
وجوّزوا التّقديم إذ لا ضررا (١) |
الأصل تقديم المبتدأ وتأخير الخبر ، وذلك لأن الخبر وصف فى المعنى للمبتدأ ، فاستحقّ التأخير كالوصف ، ويجوز تقديمه إذا لم بحصل بذلك لبس أو نحوه ، على ما سيبيّن ؛ فتقول «قائم زيد ، وقائم أبوه زيد ، وأبوه منطلق زيد ، وفى الدّار زيد ، وعندك عمرو» وقد وقع فى كلام بعضهم أن مذهب
__________________
لك وأثبتها فى الأول ، فحذف من كل مثل الذى أثبته فى الآخر ، وهذا ضرب من البديع يسميه أهل البلاغة «الاحتباك».
الشاهد فيه : قوله «عمة» على رواية الرفع حيث وقعت مبتدأ ـ مع كونها نكرة ـ لوقوعها بعد «كم» الخبرية ، كذا قال الشارح العلامة ، وأنت خبير بعد ما ذكرناه لك فى الإعراب أن «عمة» على أى الوجوه موصوفة بمتعلق الجار والمجرور وهو قوله «لك» وبفدعاء المحذوف الذى يرشد إليه وصف خالة به ، وعلى هذا لا يكون المسوغ فى هذا البيت وقوع النكرة بعد «كم» الخيرية ، وإنما هو وصف النكرة ، وبحثت عن شاهد فيه الابتداء بالنكرة بعد كم الخبرية ، ولا مسوغ فيه سوى ذلك ، فلم أوفق للعثور عليه.
(١) «والأصل» مبتدأ «فى الأخبار» جار ومجرور متعلق به «أن» مصدرية «تؤخرا» فعل مضارع مبنى للمجهول منصوب بأن ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود إلى الأخبار ، والألف للاطلاق ، و «أن» وما دخلت عليه فى تأويل مصدر خبر المبتدأ «وجوزوا» فعل وفاعل «التقديم» مفعول به لجوزوا «إذ» ظرف زمان متعلق بجوزوا «لا» نافية للجنس «ضررا» اسم لا ، مبنى على الفتح فى محل نصب ، والألف للاطلاق ، وخبر لا محذوف ، أى : لا ضرر موجود. والجملة من لا واسمها وخبرها فى محل جر بإضافة إذ إليها.