وقول المصنف : «وبعد ذاك الخبر اذكر رافعه» معناه أنه يذكر الخبر بعد اسم «لا» مرفوعا ، والرافع له «لا» عند المصنف وجماعة [وعند سيبويه الرافع له لا] إن كان اسمها مضافا أو مشبها بالمضاف ، وإن كان الاسم مفردا فاختلف فى رافع الخبر ؛ فذهب سيبويه إلى أنه ليس مرفوعا بـ «لا» وإنما هو مرفوع على أنه خبر المبتدأ ، لأن مذهبه أن «لا» واسمها المفرد فى موضع رفع بالابتداء ، والاسم المرفوع بعدهما خبر عن ذلك المبتدأ ، ولم تعمل «لا» عنده فى هذه الصورة إلا فى الاسم ، وذهب الأخفش إلى أن الخبر مرفوع بـ «لا» فتكون «لا» عاملة فى الجزءين كما عملت فيهما مع المضاف والمشبه به.
وأشار بقوله : «والثانى اجعلا» إلى أنه إذا أتى بعد «لا» والاسم الواقع بعدها بعاطف ونكرة مفردة وتكررت «لا» نحو «لا حول ولا قوّة إلا بالله» يجوز فيهما خمسة أوجه ، وذلك لأن المعطوف عليه : إما أن يبنى مع «لا» على الفتح ، أو ينصب ، أو يرفع.
فإن بنى معها على الفتح جاز فى الثانى ثلاثة أوجه :
الأول : البناء على الفتح ؛ لتركبه مع «لا» الثانية ، وتكون [لا] الثانية عاملة عمل إنّ ، نحو «لا حول ولا قوّة إلا بالله» (١).
__________________
من كلام ابن الأنبارى أن بيت سلامة يروى بالفتح دون الكسر ؛ فيكون تأييدا لمذهب المازنى ومن معه ؛ ولكنا لا نستطيع أن نرد رواية الكسر بمجرد كون ابن الأنبارى لم يحفظها.
(١) وعلى تركيب الثانية مع اسمها كتركيب الأولى مع اسمها قرأ أبو عمرو وابن كثير فى قوله سبحانه : (لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ) بفتح بيع وخلة وشفاعة ، و «لا» فى المواضع الثلاثة نافية للجنس عاملة عمل إن ، والاسم المفتوح بعدها اسمها مبنى على الفتح فى محل نصب ، وخبرها ـ فيما عدا الأول ـ محذوف لدلالة ما قبله عليه.
ومن شواهد ذلك قول الراجز (وقد أنشدناه فى شرح الشاهد رقم ٢٧ السابق) :
نحن بنو خويلد صراحا |
|
لا كذب اليوم ولا مزاحا |