إنما يكون قليلا إذا جعلت الفعل مسندا إلى الظاهر الذى بعده ، وأما إذا جعلته مسندا إلى المتصل به ـ من الألف ، والواو ، والنون ـ وجعلت الظاهر مبتدأ ، أو بدلا من الضمير ؛ فلا يكون ذلك قليلا ، وهذه اللغة القليلة هى التى يعبر عنها النحويون بلغة «أكلونى البراغيث» ، ويعبّر عنها المصنف فى كتبه بلغة «يتعاقبون فيكم ملائكة باللّيل وملائكة بالنّهار» (١) ، فـ «البراغيث» فاعل «أكلونى» و «ملائكة» فاعل «يتعاقبون» هكذا زعم المصنف.
* * *
ويرفع الفاعل فعل أضمرا |
|
كمثل «زيد» فى جواب «من قرا»؟ (٢) |
__________________
(١) قد استشهد ابن مالك على هذه اللغة بهذا الحديث ، وذلك على اعتبار أن الواو فى «يتعاقبون» علامة جمع الذكور ، و «ملائكة» وهو الفاعل مذكور بعد الفعل المتصل بالواو ، وقد تكلم على هذا الاستدلال قوم ، من المؤلفين ، وقالوا : إن هذه الجملة قطعة من حديث مطول ، وقد روى هذه القطعة مالك رضى الله عنه فى الموطأ ، وأصله «إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم : ملائكة بالليل ، وملائكة بالنهار» فإذا نظرت إلى الحديث المطول كانت الواو فى «يتعاقبون» ليست علامة على جمع الذكور ، ولكنها ضمير جماعة الذكور ، وهى فاعل ، وجملة الفعل وفاعله صفة لملائكة الوافع اسم إن ، و «ملائكة» المرفوع بعده ليس فاعلا ، ولكنه من جملة مستأنفة القصد منها تفصيل ما أجمل أولا ، فهو خبر مبتدأ محذوف ، ولورود هذا الكلام على هذا الاستدلال تجد الشارح يقول فى آخر تقريره : «هكذا زعم المصنف» يريد أن يبرأ من تبعته ، ولقائل أن يقول : إن الاستدلال بالقطعة التى رواها مالك بن أنس فى الموطأ ، بدون التفات إلى الحديث المطول المروى فى رواية أخرى.
(٢) «ويرفع» فعل مضارع «الفاعل» مفعول به ليرفع «فعل» فاعل يرفع «أضمرا» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فعل ، والجملة من أضمر ونائب فاعله فى محل رفع صفة لفعل «كمثل» الكاف