إذا أسند الفعل إلى جمع : فإما أن يكون جمع سلامة لمذكر ، أولا ؛ فإن كان جمع سلامة لمذكر لم يجز اقتران الفعل بالتاء ؛ فتقول : «قام الزيدون» ، ولا يجوز «قامت الزيدون» (١) ، وإن لم يكن جمع سلامة لمذكر ـ بأن كان
__________________
(١) الأشياء التى تدل على معنى الجمع ستة أشياء ، الأول : اسم الجمع نحو قوم ورهط ونسوة ، والثانى : اسم الجنس الجمعى نحو روم وزنج وكلم ، والثالث : جمع التكسير لمذكر نحو رجال وزيود ، والرابع : جمع التكسير لمؤنث نحو هنود وضوارب ، والخامس : جمع المذكر السالم نحو ازيدين والمؤمنين والبنين ، والسادس : جمع المؤنث السالم نحو الهندات والمؤمنات والبنات ، وللعلماء فى الفعل المسند إلى هذه الأشياء ثلاثة مذاهب :
المذهب الأول : مذهب جمهور الكوفيين ، وهو أنه يجوز فى كل فعل أسند إلى شىء من هذه الأشياء الستة أن يؤتى به مؤنثا وأن يؤتى به مذكرا ، والسر فى هذا أن كل واحد من الأشياء الستة يجوز أن يؤول بالجمع فيكون مذكر المعنى ، فيؤتى بفعله خاليا من علامة التأنيث ، وأن يؤول بالجماعة فيكون مؤنث المعنى ، فيؤتى بفعله مقترنا بعلامة التأنيث ؛ فنقول على هذا : جاء القوم ، وجاءت القوم ، وفى الكتاب العزيز (وقال نسوة فى المدينة) وتقول : زحف الروم ، وزحفت الروم ، وفى الكتاب الكريم : (غُلِبَتِ الرُّومُ) وتقول. جاء الرجال ، وجاءت الرجال. وتقول : جاء الهنود ، وجاءت الهنود ، وتقول جاء الزينبات ، وجاءت الزينبات ، وفى التنزيل. (إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ) وقال عبدة بن الطييب من قصيدة له :
فبكى بناتى شجوهنّ وزوجتى |
|
والظّاعنون إلىّ ، ثمّ تصدّعوا |
وتقول : جاء الزيدون ، وجاءت الزيدون ، وفى التنزيل. (آمنت أنه لا إله إلا الذى آمنت به بنو إسرائيل) وقال قريط بن أنيف أحد شعراء الحماسة :
لو كنت من مازن لم تستبح إبلى |
|
بنو اللّقيطة من ذهل بن شيبانا |
والمذهب الثانى : مذهب أبى على الفارسى ، وخلاصته أنه يجوز الوجهان فى جميع هذه الأنواع ، إلا نوعا واحدا ، وهو جمع المذكر السالم ؛ فإنه لا يجوز فى الفعل الذى يسند إليه إلا التذكير ، وأنت لو تأملت فى كلام الناظم لوجدته بحسب ظاهره مطابقا لهذا المذهب ، لأنه لم يستثن إلا السالم من جمع المذكر.