اشتغال العامل عن المعمول (١)
__________________
(١) أركان الاشتغال ثلاثة : مشغول عنه ، وهو الاسم المتقدم ، ومشغول ، وهو الفعل المتأخر ، ومشغول به ، وهو الضمير الذى تعدى إليه الفعل بنفسه أو بالواسطة ، ولكل واحد من هذه الأركان الثلاثة شروط لا بد من بيانها.
فأما شروط المشغول عنه ـ وهو الاسم المتقدم فى الكلام ـ فخمسة :
الأول : ألا يكون متعددا لفظا ومعنى : بأن يكون واحدا ، نحو زيدا ضربته ، أو متعددا فى اللفظ دون المعنى ، نحو زيدا وعمرا ضربتهما ؛ لأن العطف جعل الاسمين كالاسم الواحد ؛ فإن تعدد فى اللفظ والمعنى ـ نحو زيدا درهما أعطيته ـ لم يصح.
الثانى : أن يكون متقدما ، فإن تأخر ـ نحو ضربته زيدا ـ لم يكن من باب الاشتغال ، بل إن نصبت زيدا فهو بدل من الضمير ، وإن رفعته فهو مبتدأ خبره الجملة قبله.
الثالث : قبوله الإضمار ؛ فلا يصح الاشتغال عن الحال ، والتمييز ، ولا عن المجرور بحرف يختص بالظاهر كحتى.
الرابع : كونه مفتقرا لما بعده ؛ فنحو «جاءك زيد فأكرمه» ليس من باب الاشتغال لكون الاسم مكتفيا بالعامل المتقدم عليه.
الخامس : كونه صالحا للابتداء به ، بألا يكون نكرة محضة ؛ فنحو قوله تعالى : (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها) ليس من باب الاشتغال ، بل (رَهْبانِيَّةً) معطوف على ما قبله بالواو ، وجملة (ابتدعوها) صفة.
وأما الشروط التى يجب تحققها فى المشغول ـ وهو الفعل الواقع بعد الاسم ـ فاثنان :
الأول : أن يكون متصلا المشغول عنه ، فإن انفصل منه بفاصل لا يكون لما بعده عمل فيما قبله ـ كأدوات الشرط ، وأدوات الاستفهام ، ونحوهما ـ لم يكن من باب الاشتغال ، وسيأتى توضيح هذا الشرط فى الشرح.
الثانى : كونه صالحا للعمل فيما قبله : بأن يكون فعلا متصرفا ، أو اسم فاعل ، أو اسم مفعول ، فإن كان حرفا ، أو اسم فعل ، أو صفة مشبهة ، أو فعلا جامدا كفعل التعجب ـ وكل هذه العوامل لضعفها لا تعمل فيما تقدم عليها ـ لم يصح.
وأما الذى يجب تحققه فى المشغول به ـ وهو الضمير ـ فشرط واحد ، وهو : ألا يكون أجنبيا من المشغول عنه ؛ فيصح أن يكون ضمير المشغول عنه ، نحو زيدا ضربته ، أو مررت به ،