تقديره : «إن هلك منفس» (١) ، والله أعلم.
* * *
__________________
وقيل : أن تقرر لك ما فى هذا البيت نخبرك أنه يروى بنصب «منفس» يروى برفعه.
فأما رواية النصب فهى التى رواها سيبويه وجمهور البصريين (انظر كتاب سيبويه ١ ـ ٦٨ ، ومفصل الزمخشرى ١ ـ ١٤٩ بتحقيقنا) ولا إشكال على هذه الرواية ؛ لأن «منفسا» حينئذ منصوب بفعل محذوف مفسر بفعل من لفظ الفعل المذكور بعده ، والتقدير : إن أهلكت منفسا أهلكته.
والرواية الثانية برفع «منفس» وهى رواية الكوفيين ، وأعربوها على أن «منفس» مبتدأ ، وجملة «أهلكته» خبره ، وهذا هو صريح عبارة الشارح قبل إنشاده البيت ، واستدلوا به وبمثله على جواز وقوع الجملة الاسمية بعد «إن» و «إذا» الشرطيتين ، وقالوا : إن الاسم المرفوع بعد هاتين الأدانين مبتدأ ، والجملة بعده فى محل رفع خبر ، ومنهم من يجعل هذا الاسم المرفوع فاعلا لنفس الفعل المذكور بعده فى نحو «إن زيد يزورك فأكرمه» بناء على مذهبهم من جواز تقديم الفاعل على الفعل الرافع له ، فأما البصريون فلا يسلمون أولا رواية الرفع ، ثم يقولون : إن صحت هذه الرواية فإنها لا تدل على جواز وقوع الجمل الاسمية بعد أداة الشرط ، ولا تدل على جواز تقدم الفاعل على فعله ؛ لأن واحدا من هذين الوجهين غير متعين فى إعراب الاسم المرفوع بعد أداة الشرط ، بل هذا الاسم فاعل لفعل محذوف يفسره الفعل المذكور بعده ، ويقدر المحذوف من لفظ المذكور إن كان الذى بعده قد رفع الضمير على الفاعلية ، ومن معنى الفعل المتأخر إن كان قد نصب ضمير الاسم كما فى هذا البيت المستشهد به ، ومن الأول قوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ) وهذا هو الراجح ، وهو الذى قدره الشارح بعد إنشاد البيت ، ثم ارجع إلى ما ذكرناه فى تقدير العامل فى المشغول عنه (فى ص ٥١٨) ، ثم انظر ما ذكرناه فى باب الفاعل
(١) هذا التقدير هو تقدير البصريين ، ولا يتفق ذكره هنا بهذا الشكل مع ما ذكره الشارح قبل إنشاد البيت ، ولو أنه قال : «وتقديره عند البصريين إن هلك منفس» لاستقام الكلام.