ولا خلاف بين البصريين والكوفيين أنه يجوز إعمال كلّ واحد من العاملين فى ذلك الاسم الظاهر ، ولكن اختلفوا فى الأولى منهما (١).
فذهب البصريّون إلى أنّ الثانى أولى به ؛ لقربه منه ، وذهب الكوفيون إلى أن الأول أولى به ؛ لتقدّمه.
* * *
وأعمل المهمل فى ضمير ما |
|
تنازعاه ، والتزم ما التزما (٢) |
__________________
(١) رأى البصريون أن إعمال ثانى العاملين أولى من إعمال الأول منهما ثلاث حجج :
الأولى : أنه أقرب إلى المعمول ، وهى العلة التى ذكرها الشارح.
الثانية : أنه يلزم على إعمال الأول منهما الفصل بين العامل ـ وهو المتقدم ـ ومعموله ـ وهو الاسم الظاهر ـ بأجنبى من العامل ، وهو ذلك العامل الثانى ، ومع أن الفصل بين العامل والمعمول مغتفر فى هذا الباب للضرورة التى ألجات إليه ، فهو خلاف الأصل على الأقل.
الثالثة : أنه يلزم على إعمال العامل الأول فى لفظ المعمول أن تعطف على الجملة الأولى ـ وهى جملة العامل الأول مع معموله ـ قبل تمامها ، والعطف قبل تمام المعطوف عليه خلاف الأصل.
ورأى الكوفيون أن إعمال الأول أولى من إعمال الثانى لعلتين :
الأولى : أنه أسبق وأقدم ذكرا ، وهى التى ذكرها الشارح.
والثانية : أنه يترتب على إعمال العامل الثانى فى لفظ المعمول المذكور أن تضمر ضميرا فى العامل الأول منهما ؛ فيكون فى الكلام الإضمار قبل الذكر ، وهو غير جائز عندهم ، وخلاف الأصل عند البصريين.
ولكل فريق من الفريقين مستند من السماع عن العرب.
ثم إنه قد يوجد فى الكلام ما يوجب إعمال الثانى كما فى قولك : ضربت بل أكرمت زيدا ، وقد يوجد فيه ما يوجب إعمال الأول كما فى قولك : لا أكرمت ولا قدمت زيدا.
(٢) «وأعمل» فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «المهمل»