«ما زيد قائما بل قاعد» ، و «ما عمرو كريما لكن بخيل».
ومن العرب من ينصب الخبر متقدما ؛ أشار إلى ذلك سيبويه (١) ، وسوى بينه وبين قول من قال : «ملحفة جديدة» بالتاء ، وبين قول من قال : «ولات حين مناص» بالرفع (٢).
__________________
(١) ينظر : الكتاب (١ / ٦٠).
(٢) وقرأ العامة «لات» بفتح التاء وحين منصوبة وفيها أوجه :
أحدها : وهو مذهب سيبويه : أن لا نافية بمعنى ليس والتاء مزيدة فيها كزيادتها فى ربّ وثم ، كقولهم : ربّت وثمّت وأصلها «ها» وصلت بلا فقالوا «لاه» كما قالوا «ثمّة» ولا يعمل إلا فى الزمان خاصة نحو : لات حين ، ولات أوان كقوله :
طلبوا صلحنا ولات أوان |
|
فأجبنا أن ليس حين بقاء |
وقول الآخر :
ندم البغاة لآت ساعة مندم |
|
والبغى مرتع مبتغيه وخيم |
والأكثر حينئذ حذف مرفوعها تقديره : ولات الحين حين مناص. وقد يحذف المنصوب ويبقى المرفوع. وقد قرأ هنا بذلك بعضهم لقوله :
من صدّ عن نيرانها |
|
فأنا ابن قيس لا براح |
أى لا براح لى. ولا تعمل فى غير الأحيان على المشهور ، وقد تمسك بإعمالها فى غير الأحيان فى قوله :
حنّت نوار ولات هنّا حنّت |
|
وبدا الّذى كانت نوار أجنّت |
فإن «هنّا» من ظروف الأمكنة ، وفيه شذوذ من ثلاثة أوجه :
أحدها : عملها فى اسم الإشارة وهو معرفة ولا تعمل إلا فى النكرات.
الثاني : كونه لا ينصرف.
الثالث : كونه غير زمان. وقد رد بعضهم هذا بأن «هنا» قد خرجت عن المكانية واستعملت فى الزمان كقوله تعالى : (هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ) [الأحزاب : ١١] ، وقوله :
وإذا الأمور تعاظمت وتشاكلت |
|
فهناك يعترفون أين المفزع |
إلا أن الشذوذين الأخيرين باقيان.
وتأول بعضهم البيت أيضا بتأويل آخر وهو أن «لات» هنا مجملة لا عمل لها ، و «هنا» ظرف خبر مقدم و «حنت» مبتدأ بتأويل حذف «أن» المصدرية تقديره «أن حنّت» نحو : «تسمع بالمعيدى خير من أن تراه». وفى هذا تكلف وبعد إلا أن فيه الاستراحة من الشذوذات المذكورة أو الشذوذين. وفى الوقف عليها مذهبان : أشهرهما عند علماء العربية وجماهير القراء السبعة بالتاء المجبورة اتباعا لمرسوم الخط ، والكسائى وحده من السبعة بالهاء.
والأول : مذهب الخليل وسيبويه والزجاج والفراء وابن كيسان.
والثاني : مذهب المبرد.