__________________
وأغرب أبو عبيد فقال : الوقف على «لا» والتاء متصلة بـ «حين» فيقولون : قمت تحين قمت وتحين كان كذا فعلت كذا ، وقال : رأيتها فى الإمام كذا «ولا تحين» متصلة ، وأنشد على هذا أيضا قول أبى وجزة السعدي :
العاطفون تحين ما من عاطف |
|
والمطعمون زمان لا من مطعم |
ومنه حديث ابن عمر وسأله رجل عن عثمان فذكر مناقبه ثم قال : «اذهب تلان إلى أصحابك» يريد «الآن» والمصاحب إنما هى «لات حين». وحمل العامة ما رآه على أنه مما شذ عن قياس الخط كنظائر له مرت. فأما البيت فقيل فيه : إنه شاذ لا يلتفت إليه.
وقيل : إنه إذا حذف الحين المضاف إلى الجملة التى فيها «لات حين» جاز أن يحذف (لا) وحدها ويستغنى عنها بالتاء ، والأصل : العاطفون حين لات حين لا من عاطف ، فحذف الأول ولا وحدها كما أنه قد صرح بإضافة حين إليها فى قول الآخر :
وذلك حين لات أوان حلم |
|
... |
ذكر هذا الوجه ابن مالك ؛ وهو متعسف جدا. وقد يقدر إضافة «حين» إليها من غير حذف لها كقوله :
تذكّر حبّ ليلى لات حينا |
|
... |
أى حين لات حين. وأيضا فكيف يصنع أبو عبيد بقوله : «ولات ساعة مندم ، ولات أوان» فإنه قد وجدت التاء من «لا» دون حين؟!
الوجه الثانى من الأوجه السابقة : أنها عاملة عمل «أن» يعنى أنها نافية للجنس فيكون «حين مناص» اسمها ، وخبرها مقدر تقديره : ولات حين مناص لهم ، كقولك : لا غلام سفر لك. واسمها معرب لكونه مضافا.
الثالث : أن بعدها فعلا مقدرا ناصبا لحين مناص بعدها أى لات أرى حين مناص لهم بمعنى لست أرى ذلك ، ومثله : «لا مرحبا بهم ولا أهلا ولا سهلا» أى لا أتوا مرحبا ولا وطئوا سهلا ولا لقوا أهلا.
وهذان الوجهان ذهب إليهما الأخفش ، وهما ضعيفان وليس إضمار الفعل هنا نظير إضماره فى قوله :
ألا رجلا جزاه الله خيرا |
|
... |
لضرورة أن اسمها المفرد النكرة مبنى على الفتح فلما رأينا هنا معربا قدرنا له فعلا خلافا للزجاج فإنه يجوز تنوينه فى الضرورة ويدعى أن فتحته للإعراب ، وإنما حذف التنوين للتخفيف ويستدل بالبيت المذكور وقد تقدم تحقيق هذا.
الرابع : أن لات هذه ليست هى «لا» مرادا فيها تاء التأنيث. وإنما هى ليس فأبدلت السين تاء ، وقد أبدلت منها فى مواضع قالوا : النات ـ يريدون الناس ـ ومنه ست وأصله سدس ، وقال :
يا قاتل الله بنى السّعلات |
|
عمرو بن يربوع شرار النّات |
ليسوا بأخيار ولا أكيات |