وحلّت سواد القلب لا أنا باغيا |
|
سواها ولا فى حبّها متراخيا (١) |
ويمكن عندى أن يجعل «أنا» مرفوع فعل مضمر ناصب «باغيا» على الحال ؛ تقديره : لا أرى باغيا ، فلما أضمر الفعل برز الضمير ، وانفصل.
ويجوز أن يجعل «أنا» مبتدأ ، والفعل المقدر بعده خبرا ناصبا «باغيا» على الحال.
ويكون هذا من باب الاستغناء بالمعمول عن العامل لدلالته عليه.
ونظائره كثيرة ، منها قولهم : «حكمك مسمّطا» ؛ أى : حكمك لك مسمطا ؛ أى : مثبتا. فجعل «مسمّطا» ـ وهو حال ـ مغنيا عن عامله مع كونه غير فعل ، فأن يعامل «باغيا» بذلك وعامله فعل أحق وأولى.
وأما «لات» فإنهم يرفعون بها «الحين» اسما ، ولا يكادون يلفظون به بل بآخر منصوب خبرا كقوله ـ تعالى ـ : (فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) [ص : ٣]
أى : وليس الحين حين مناص.
ولا بد من تقدير المحذوف معرفة ؛ لأن المراد نفى كون الحين الحاضر حينا ينوصون فيه ؛ أى : يهربون ، أو يتأخرون.
وليس المراد نفى جنس حين المناص ؛ ولذلك كان رفع الحين الموجود شاذّا ؛ لأنه محوج إلى تكلف مقدر يستقيم به المعنى ، مثل أن يقال : معناه ليس حين مناص موجودا لهم عند تناديهم ونزول ما نزل بهم.
إذ قد كان لهم قبل ذلك حين مناص ، فلا يصح نفى جنسه مطلقا ، بل مقيدا.
وقد نبهت على شذوذ رفع الحين ـ الثابت ـ اسما ، وجعل المحذوف خبرا بقولى :
وقد يرى المحذوف بعد خبرا |
|
والثّابت اسما حيث مرفوعا جرى |
لأن «قد» تدل مع المضارع على التقليل.
وقد تقع «ساعة» و «أوان» بعد «لات» : فوقوع «ساعة» كقول الشاعر : [من الكامل]
__________________
(١) البيت فى ديوانه ص ١٧١ ، والأشباه والنظائر ٨ / ١١٠ ، وتخليص الشواهد ص ٢٩٤ ، والجنى الدانى ص ٢٩٣ ، وخزانة الأدب ٣ / ٣٣٧ ، والدرر ٢ / ١١٤ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٢٥ ، وشرح التصريح ١ / ١٩٩ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٦١٣ ، ومغنى اللبيب ١ / ٣٤٠ ، والمقاصد النحوية ٢ / ١٤١ ، وبلا نسبة فى جواهر الأدب ص ٢٤٧ ، وشرح ابن عقيل ص ١٥٩ ، وهمع الهوامع ١ / ١٢٥.