«وتكون «إن» كـ «ما» فى معنى «ليس» ؛ فلو أراد النفى دون العمل ، لقال : (وتكون «إن» كـ «ما» فى النفى) ؛ لأن النفى من معانى الحروف فـ «ما» به أولى من «ليس» ؛ لأن «ليس» فعل ، وهى حرف.
بخلاف العمل فإن «ليس» فيه هى أصل لـ «ما» و «لا» و «إن» لأنها فعل ، وهن حروف.
ومما يقوى إعمال «إن» إذا نفى بها ما أنشده الكسائى من قول الشاعر : [من المنسرح]
إن هو مستوليا على أحد |
|
إلا على أضعف المجانين |
ويروى :
... |
|
إلا على حزبه الملاعين (١) |
وإلى هذا أشرت بقولى :
... |
|
... فيه الكسائى أنشدا |
إن هو مستوليا ... |
|
... |
وذكر أبو الفتح فى المحتسب أن سعيد بن جبير (٢) قرأ إن الذين يدعون من دون الله عبادا أمثالكم [الأعراف : ١٩٤] على أن «إن» نافية (٣) ، رفعت «الّذين» اسما.
ونصبت «عبادا أمثالكم» ، خبرا ونعتا.
والمعنى : ليس الأصنام الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم فى الاتصاف بالعقل ، فلو كانوا أمثالكم فعبدتموهم لكنتم بذلك مخطئين ضالين ؛ فكيف حالكم فى عبادة من هو دونكم بعدم الحياة والإدراك؟.
__________________
(١) البيت بلا نسبة فى الأزهية ص ٤٦ ، وأوضح المسالك ١ / ٢٩١ ، وتخليص الشواهد ص ٣٠٦ ، والجنى الدانى ص ٢٠٩ ، وجواهر الأدب ص ٢٠٦ ، وخزانة الأدب ٤ / ١٦٦ ، والدرر ٢ / ١٠٨ ، ورصف المبانى ص ١٠٨ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٢٦ ، وشرح التصريح ١ / ٢٠١ ، وشرح شذور الذهب ص ٣٦٠ ، وشرح ابن عقيل ص ١٦٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢١٦ ، والمقاصد النحوية ٢ / ١١٣ ، والمقرب ١ / ١٠٥ ، وهمع الهوامع ١ / ١٢٥.
(٢) هو سعيد بن جبير الأسدى بالولاء ، الكوفى ، أبو عبد الله ، تابعى من أعلم التابعين أخذ العلم عن عبد الله بن عباس وابن عمر ، كان يقول الحق ، ولا يخاف أحدا إلا الله ، وكانت نهايته أن قتل على يد الحجاج ، سنة ٩٥ ه.
ينظر : الأعلام (٣ / ٩٣) ، وفيات الأعيان (١ / ٢٠٤) ، طبقات ابن سعد (٦ / ١٧٨) ، تقريب التهذيب ت (٢٢٩١).
(٣) قال أبو الفتح : ينبغى ـ والله أعلم ـ أن تكون «إن» هنا بمنزلة «ما» فكأنه قال : ما الذين تدعون ـ