وفيها تسع لغات ، وقد ذكرت.
ولما تقدم الإعلام بأن «كان» تدخل على المبتدإ والخبر وهما ـ أيضا ـ معمولا «إنّ» وأخواتها ـ نبهت على ما يعرض له سبب يقتضى اختصاص «كان» بالدخول عليه دون «إنّ» وأخواتها ، فقلت :
ما لم يعنّ مانع ككون ما |
|
أسند ممّا ألزم التّقدّما |
والإشارة بذلك إلى نحو : «أين زيد»؟ فإن فيه مانعا من دخول «إنّ» عليه ، وهو كون المسند إليه واجب التقديم ؛ لتضمنه معنى حرف الاستفهام.
فإذا دخلت عليه «كان» جاز ، ولزم تقديم الخبر ؛ لأن خبرها كان جائز التقديم فتقول : «أين كان زيد»؟.
ولا سبيل إلى ذلك فى «إنّ» وأخواتها ؛ لأن شيئا مما يتعلق بها لا يتقدم عليها.
فإنها حروف عملت عمل الأفعال ، ولم تقو قوتها فيتصرف فى معموليها بتقديم وتأخير ، كما تصرف فى معمولى الأفعال.
ولكن إذا قام مقام مرفوعها ظرف ، أو جار ومجرور ، جاز تقديمه ؛ لأنه ليس فى الحقيقة خبرا ، وإنما هو
معمول الخبر المقدر آخرا.
ألا ترى أن قولك : «إنّ عندك زيدا» معناه : «إنّ عندك زيدا كائن».
فحذف «كائن» وأقيم الظرف مقامه لدلالته عليه.
وشبه تقديمه وهو قائم مقام الخبر بتقديمه ، والخبر موجود نحو قولك : «إنّ عندك زيدا مقيم» ؛ فـ «عندك» فى هذه المسألة ونحوها فضلة عن الخبر.
وسهل الفصل به بين «إنّ» واسمها وخبرها كما سهل فى «كان» و «ما».
وكما سهل أن يفصل به بين المضاف والمضاف إليه مع أنهما كالشيء الواحد. وقد أشير إلى ذلك فيما مضى.
(ص)
وواجب تأخيرك اسما يشتمل |
|
على ضمير ما بمسند وصل |
ك (إنّ فى خباء هند بعلها) |
|
و (ليت للمضنى بسعدى مثلها) |
(ش) تأخير اسم «إنّ» هنا واجب كوجوب تأخير المبتدإ فى قول الشاعر :
... |
|
ولكن ملء عين حبيبها (١) |
__________________
(١) تقدم تخريج هذا البيت.