ويصلح أن يكون هذا وشبهه حجة للكسائى.
ويقول : بناء الاسم فى الآية والبيت وقع اتفاقا ، ورفع المعطوف هو الحجة ، والأصل التسوية بين المعرب والمبنى فى إجراء التوابع عليهما.
وسيبويه (١) يحمل الآية والبيت على أن المعطوف فيهما منوى التأخير.
ويلحق فى ذلك «أنّ» بـ «إنّ» إذا كان موضعها موضع جملة نحو : «علمت أنّ زيدا منطلق ، وعمرو».
واستشهد سيبويه (٢) بقول الله ـ تعالى ـ : (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) [التوبة : ٣]
وبقول الشاعر : [من الوافر]
وإلا فاعلموا أنّا وأنتم |
|
بغاة ما بقينا فى شقاق (٣) |
وقال : التقدير : فاعلموا أنا بغاة ما بقينا وأنتم كذلك. ولموافقة سيبويه قلت :
... |
|
... و «أنّ» مثل «إنّ» |
ولم يخص الفراء (٤) رفع المعطوف بـ «إنّ» و «لكنّ» بل أجازه عموما وأنشد مستشهدا : [من الرجز]
يا ليتنى وأنت يا لميس |
|
فى بلد ليس به أنيس (٥) |
ومما يصلح الاحتجاج به للفراء والكسائى على رفع المعطوف قبل الخبر ـ قول بعض العرب : «إنّهم أجمعون ذاهبون».
فرفع التوكيد حملا على معنى الابتداء فى المؤكد مع أنهما شيء واحد فى المعنى.
__________________
(١) ينظر : الكتاب (٢ / ١٥٥).
(٢) ينظر : الكتاب (١ / ٢٣٨).
(٣) البيت لبشر بن أبى خازم فى ديوانه ص ١٦٥ ، والإنصاف ١ / ١٩٠ ، وتخليص الشواهد ص ٣٧٣ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٢٩٣ ، ٢٩٧ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٤ ، وشرح التصريح ١ / ٢٢٨ ، والكتاب ٢ / ١٥٦ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٧١ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ١٥٤ ، وشرح المفصل ٨ / ٦٩.
(٤) ينظر : معانى القرآن (٣ / ٢٧٣).
(٥) الرجز للعجاج فى الدرر ٦ / ١٨٧ ، وشرح التصريح ١ / ٢٣٠ ، وليس فى ديوانه ، ولرؤبة فى ملحق ديوانه ص ١٧٦ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٣٦٤ ، ومجالس ثعلب ١ / ٣١٦ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٤٤.