فأن يكون ذلك فى المعطوف والمعطوف عليه لتباينهما فى المعنى أحق وأولى.
ونسب سيبويه (١) قائل : «إنّهم أجمعون ذاهبون» إلى الغلط مع أنه من العرب الموثوق بعربيتهم.
وليس ذلك من سيبويه ـ رحمهالله ـ بمرضى ، بل الأولى أن يخرج على أن قائل ذاك أراد : إنهم هم أجمعون ذاهبون.
على أن يكون «هم» مبتدأ مؤكدا بـ «أجمعون» مخبرا عنه بـ «ذاهبون».
ثم حذف المبتدأ ، وبقى توكيده ، كما يحذف الموصوف ، وتبقى صفته.
وأكثر ما يكون ذلك فى صلة الموصول نحو : «قدم الّذين فارقت أجمعين» ؛ أى : الذين فارقتهم أجمعين.
وقد أجاز الفراء (٢) نصب جزأى الابتداء بـ «ليت» ومن شواهده قول الشاعر : [من الكامل]
ليت الشّباب هو الرّجيع إلى الفتى |
|
والشّيب كان هو البدىء الأوّل (٣) |
ولا حجة فيه لإمكان تقدير «كان» ، وجعل «الرّجيع» خبرها.
وأنشد أبو العباس ثعلب : [من الوافر]
فليت غدا يكون غرار شهر |
|
وليت اليوم أيّاما طوالا (٤) |
ومن الكوفيين من ينصب الجزأين بـ «ليت» وغيرها من أخواتها (٥).
ويستشهد بقول الراجز العمانى : [من الرجز]
كأنّ أذنيه إذا تشوّفا |
|
قادمة أو قلما محرّفا (٦) |
__________________
(١) ينظر : الكتاب (٢ / ١٥٥).
(٢) ينظر : معانى القرآن للفراء (٢ / ٣٥٢).
(٣) البيت بلا نسبة فى الجنى الدانى ص ٤٩٣.
(٤) ينظر مجالس ثعلب ص ٢٣٦.
(٥) قال ابن يعيش : وكان بعضهم ينصب الاسم والخبر بعد (ليت) تشبيها لها بوددت وتمنيت ؛ لأنها فى معناهما ، وهى لغة بنى تميم ، يقولون : ليت زيدا قائما ، كما يقولون : ظننت زيدا قائما ، وعليه الكوفيون ، والأول أقيس ، وعليه الاعتماد ، وهو رأى البصريين.
ينظر : شرح المفصل : ١ / ١٠٤.
(٦) الرجز لمحمد بن ذؤيب فى خزانة الأدب ١٠ / ٢٣٧ ، ٢٤٠ ، والدرر ٢ / ١٦٨ ، وللعمانى فى سمط اللآلى ص ٨٧٦ ، وشرح شواهد المغنى ص ٥١٥ ، وبلا نسبة فى تخليص الشواهد ـ