فإن ورد الحذف مع غير «أنّ» و «أن» عد نادرا ، ولم يقس عليه إلا أن يكون من الأفعال التى جمع لها التعدى واللزوم كثيرا مع اتفاق المعنى ، كما سيأتى بيان ذلك ، إن شاء الله تعالى.
ومذهب الخليل والكسائى فى «أنّ» و «أن» : أنهما فى محل جر بعد حذف حرف الجر.
ومذهب سيبويه (١) والفراء : أنهما فى محل نصب. ويؤيد قول الخليل قول الشاعر ـ أنشده الأخفش ـ : [من الطويل]
وما زرت ليلى أن تكون حبيبة |
|
إلى ولا دين بها أنا طالبه (٢) |
فجر المعطوف على «أن» فعلم أن «أن» فى محل جر.
وحكم ما سوى «أنّ» و «أن» إذا حذف ما يجره أن ينصب ؛ كقوله : [من الكامل]
لدن (٣) بهزّ الكفّ يعسل (٤) متنه |
|
فيه كما عسل الطّريق الثّعلب (٥) |
ورأى على بن سليمان الأخفش اضطراد الحذف والنصب فيما لا لبس فيه ؛ كقول الشاعر : [من الطويل]
تحنّ فتبدى مابها من صبابة |
|
وأخفى الّذى لو لا الأسى لقضانى (٦) |
__________________
(١) ينظر الكتاب (٣ / ١٢٦ ، ١٢٧).
(٢) البيت للفرزدق فى ديوانه ١ / ٨٤ ، والإنصاف ص ٣٩٥ ، وتخليص الشواهد ص ٥١١ ، والدرر ٥ / ١٨٣ ، وسمط اللآلى ص ٥٧٢ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٠٣ ، وشرح شواهد المغنى ص ٨٨٥ ، والكتاب ٣ / ٢٩ ، ولسان العرب (حنطب) ، والمقاصد النحوية ٢ / ٦٦٥ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ١ / ١٩٧ ، ومغنى اللبيب ص ٥٢٦ ، وهمع الهوامع ٢ / ٨١.
(٣) لدّن الشىء : لينه. (الوسيط ـ لدن).
(٤) العسلان : شدة اهتزاز الرمح إذا هززته. (مقاييس اللغة ـ عسل).
(٥) البيت لساعدة بن جؤية الهذلى فى تخليص الشواهد ص ٥٠٣ ، وخزانة الأدب ٣ / ٨٣ ، ٨٦ ، والدرر ٣ / ٨٦ ، وشرح أشعار الهذليين ص ١١٢٠ ، وشرح التصريح ١ / ٣١٢ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٥٥ ، وشرح شواهد المغنى ص ٨٨٥ ، والكتاب ١ / ٣٦ ، ٢١٤ ، ولسان العرب (وسط) ، (عسل) والمقاصد النحوية ٢ / ٥٤٤ ، ونوادر أبى زيد ص ١٥ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ١٨٠ ، وأوضح المسالك ٢ / ١٧٩ ، وجمهرة اللغة ص ٨٤٢ ، والخصائص ٣ / ٣١٩ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٩٧ ، ومغنى اللبيب ص ١١ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٠٠.
(٦) البيت لعروة بن حزام فى خزانة الأدب ٨ / ١٣٠ ، والدرر ٤ / ١٣٦ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٤١٤ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٥٥٢ ، ولرجل من بنى حلاف فى تخليص الشواهد ص ٥٠٤ ، وللكلابى فى لسان العرب (غرض) ، (قضى) وبلا نسبة فى الجنى الدانى ـ