ومثله قول الشاعر : [من البسيط]
فاليوم قرّبت تهجونا وتشتمنا |
|
فاذهب فما بك والأيّام من عجب (١) |
فلو قيل على تقدير لام ثانية : «ما لك وزيد» لم يمتنع.
وللكلام على مسائل العطف ، وحذف الجار موضع آخر هو به أولى.
وإن أمكن العطف بتكلف ، فالنصب راجح أيضا ، فمن ذلك قولهم : «لو تركت النّاقة وفصيلها لرضعها» ؛ فإن العطف فيه ممكن على تقدير : لو تركت الناقة ترأم مع فصيلها وترك فصيلها لرضاعها لرضعها ، وهذا تكلف وتكثير عبارة ، بخلاف أن يقال : لو تركت الناقة مع فصيلها ، أو لفصيلها.
ومما يترجح فيه النصب باعتبار المعية على النصب باعتبار العطف ـ قول الشاعر : [من الطويل]
إذا أعجبتك الدّهر حال من امرئ |
|
فدعه وواكل أمره واللّياليا (٢) |
أى : واكل حاله الليالى.
(ص)
وكون ذا المفعول سابقا لما |
|
يصحبه جوّز بعض العلما |
بذا ابن جنّى قضى فى قول من |
|
قال (وفحشا غيبة) وقد وهن |
وفى النّحاة من أبى القياس فى |
|
ذا الباب فهو بالسّماع يكتفي |
(ش) أجاز أبو الفتح بن جنى فى الخصائص (٣) تقديم المفعول معه على مصحوبه
__________________
(١) البيت بلا نسبة فى الإنصاف ص ٤٦٤ ، وخزانة الأدب ٥ / ١٢٣ ـ ١٢٦ ، ١٢٨ ، ١٢٩ ، ١٣١ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٣٠ ، والدرر ٢ / ٨١ ، ٦ / ١٥١ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٠٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٠٣ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٦٢ ، وشرح المفصل ٣ / ٧٨ ، ٧٩ ، والكتاب ٢ / ٣٩٢ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٣٩.
(٢) البيت لأفنون التغلبى فى حماسة البحترى ص ١٦٤ ، ولمويلك العبدى فى حماسة البحترى ص ٢١٥ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ١ / ٢٢٥ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٩٩.
(٣) ولا يجوز تقديم المفعول معه على الفعل ؛ نحو قولك : والطيالسة جاء البرد ؛ من حيث كانت صورة هذه الواو صورة العاطفة ؛ ألا تراك لا تستعملها إلا فى الموضع الذى لو شئت لاستعملت العاطفة فيه ؛ نحو جاء البرد والطيالسة. ولو شئت لرفعت الطيالسة عطفا على البرد. وكذلك تركت والأسد لأكلك ، يجوز أن ترفع الأسد عطفا على التاء. ولهذا لم يجز أبو الحسن جئتك وطلوع الشمس أى مع طلوع الشمس ؛ لأنك لو أردت أن تعطف بها هنا فتقول : أتيتك وطلوع الشمس لم يجز ؛ لأن طلوع الشمس لا يصح إتيانه لك ، فلمّا ساوقت حرف العطف قبح والطيالسة جاء البرد ؛ كما قبح وزيد قام عمرو ؛ لكنه يجوز جاء والطيالسة ـ