الباب الثّالث
مذهب ابن مالك النّحوىّ
أولا : من حيث الشكل :
ونشير إلى :
١ ـ التجديد فى منهج التأليف :
فأول ما يطالعنا من سمات هذا المذهب هو ميل ابن مالك إلى التجديد فى منهج التأليف ، ويمكننا أن نلمس هذه السمة بمقارنة منهج «التسهيل» ـ وهو خلاصة دراسات ابن مالك النحوية بكتاب سيبويه و «مفصل» الزمخشرى وكافية ابن الحاجب ، وهذه الثلاثة الأخيرة هى أهم وأشهر كتب النحو السابقة على التسهيل ، حيث اعتمد صاحب الكتاب على تقسيم النحو إلى أبواب ، ووقف الزمخشرى عند تقسيمه إلى فصول ، وصار ابن الحاجب على نهج صاحب «المفصّل» فى التقسيم العام ، دون اهتمام بتبويب أو تفصيل ، بينما جاء ابن مالك فنظم رءوس المسائل فى أبواب ، وفروعها فى فصول ، مما يعد من أفضل وأحدث مناهج التقسيم فى التأليف.
وكذلك نلحظ الطّرافة والتجديد والابتكار فى منهج ترتيبه لأبواب النحو وفصوله ، وهو منهج تعليمى دراسىّ يعتمد كثيرا على المناسبة والاستطراد وارتباط اللاحق بالسابق.
والرجل فى تقسيمه كتابه إلى أبواب وفصول ، ثم فى ترتيبه لهذه الأبواب والفصول فى هذا المنهج الدراسى التعليمى متأثر إلى حدّ كبير بابن معط فى ترتيب ألفيته وفى تقسيم كتابه «الفصول الخمسون» ؛ حيث جعل النحو فى خمسين فصلا يشتمل عليها خمسة أبواب ، إلا أن هذا كله كان على عادة ابن مالك فى تأثره بغيره ، لا يأخذ الشىء برمته ، ولا ينقل المنهج بنصه ، ولكنه يخضعه لذوقه وتجاربه ، وتفكيره ، واجتهاده.
٢ ـ النظم العلمى للفنون :
يمكننا أن نعد ابن مالك إمام النظم فى العربية غير مدافع ؛ فهو صاحب التاريخ الطويل فى هذا الميدان ؛ إذ تبلغ عدة الأبيات التى نظمها فى ميدان علوم العربية أكثر