وقد يحذف من المضاف تاء التأنيث ؛ كقول الشاعر : [من الطويل]
ونار قبيل الصّبح بادرت قدحها |
|
حيا النّار قد أوقدتها للمسافر (١) |
أراد : حياة النار.
وقال الشاعر : [من البسيط]
إنّ الخليط أجدّوا (٢) البين وانجردوا |
|
وأخلفوك عد (٣) الأمر الذى وعدوا (٤) |
أراد : عدة الأمر.
ومنه قراءة بعض القراء : (لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً)(٥) [التوبة : ٤٦].
وجعل الفراء من ذلك قوله ـ تعالى ـ : (بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) [الروم : ٣]
وإذا حذف لأجل الإضافة ما فى المضاف من التنوين والنون المذكورين ، وجب جر المضاف إليه بالمضاف ؛ لما فيه من معنى اللام ، أو معنى «من» أو «فى» ، ومعنى اللام هو الأصل.
__________________
(١) البيت لكعب بن زهير فى ديوانه ص ٣٦ ، والمعانى الكبير ١ / ٤٣١ ، ولسان العرب (حيا) ، وبلا نسبة فى الحيوان ٤ / ٤٨٩ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٨٦.
(٢) الخليط : المجاور. (المقاييس ـ خلط).
(٣) فى أ: عدا.
(٤) البيت للفضل بن عباس فى شرح التصريح ٢ / ٣٩٦ ، ولسان العرب (غلب) ، (خلط) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٧٢ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٥ / ٢٤١ ، وأوضح المسالك ٤ / ٤٠٧ ، والخصائص ٣ / ١٧١ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٠٤ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٨٦ ، ولسان العرب (وعد) ، (خلط).
(٥) العامة على «عدّة» بضم العين وتاء التأنيث وهى الزّاد والراحلة وجميع ما يحتاج إليه المسافر.
وقرأ محمد بن عبد الملك بن مروان وابنه معاوية «عدّه» كذلك إلا أنه جعل مكان تاء التأنيث هاء ضمير غائب تعود على الخروج. واختلف فى تخريجها فقيل : أصلها كقراءة الجمهور بتاء التأنيث ، ولكنهم يحذفونها للإضافة كالتنوين. وجعل الفراء من ذلك قوله تعالى : (وَأَقامَ الصَّلاةَ*) ومنه قول زهير :
إنّ الخليط أجدّوا البين فانجردوا |
|
وأخلفوك عد الأمر الذى وعدوا |
يريد : عدّة الأمر. وقال صاحب «اللوامع» : «لمّا أضاف جعل الكناية نائبة عن التاء فأسقطها ؛ وذلك لأنّ العدّ بغير تاء ولا تقديرها هو الشىء الذى يخرج فى الوجه». وقال أبو حاتم : «هو جمع عدّة ك برّ جمع برّة ، ودرّ جمع درّة ، والوجه فيه عدد ، ولكن لا يوافق خطّ المصحف.
وقرأ زر بن حبيش وعاصم فى رواية أبان «عدّه» بكسر العين مضافة إلى هاء الكناية. قال ابن عطية : «وهو عندى اسم لما يعدّ كالذّبح والقتل. وقرئ أيضا «عدّة» بكسر العين وتاء التأنيث ، والمراد عدة من الزاد والسلاح مشتقا من العدد. ينظر : الدر المصون (٣ / ٤٦٨ ـ ٤٦٩).