فأعطى لـ «مرّ» وهو مذكر تأنيث «الرّياح» ؛ لأن الإسناد إلى الرياح مغن عن ذكر ال «مرّ».
وكذلك قول الآخر : [من الكامل]
أتى الفواحش عندهم معروفة |
|
ولديهم ترك الجميل جمال (١) |
ومنه قوله ـ تعالى ـ : (فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) [الشعراء : ٤] ؛ فأعطى الأعناق ما هو لأصحابها من الإخبار بـ «خاضعين» ؛ لصلاحية الأعناق للحذف ، والاستغناء عنها بضمير أصحابها ، وهو أن يقال : «فظلّوا لها خاضعين». وأمثال ذلك كثيرة.
ولو قيل فى «قام غلام هند» : «قامت غلام هند» لم يجز ؛ لأن الغلام غير صالح للحذف والاستغناء بما بعده عنه ؛ كما كان ذلك فيما تقدم من «مرّ الرّياح» و «أتى الفواحش» وأشباههما.
وكما جاز تأنيث المذكر ؛ لإضافته إلى مؤنث صالح للاستغناء به ؛ كذلك يجوز تذكير المؤنث ؛ لإضافته إلى مذكر صالح للاستغناء به ؛ كقول الشاعر : [من الخفيف]
رؤية الفكر ما يؤول له الأم |
|
ر معين على اجتناب التّواني (٢) |
ويمكن أن يكون من ذلك قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف : ٥٦].
(ص)
ومبهم كـ (غير) إن يضف لما |
|
بنوا أجز بناه للّذ قدّما |
(ش) المراد بـ «مبهم كغير» : ما لا يتضح معناه إلا بما يضاف إليه ؛ كـ «مثل» و «دون» و «بين» و «حين» مما فيه شدة إبهام تقربه من الحروف.
فإذا أضيف إلى مبنى جاز أن يكتسب من بنائه ، كما تكتسب النكرة المضافة إلى معرفة من تعريفها.
__________________
(١) البيت للفرزدق فى المقاصد النحوية ٣ / ٣٦٨ ، وليس فى ديوانه ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ٢ / ٣١٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٠٥ (ورواية العجز فيه :
... |
|
ويرون فعل المكرمات حراما) |
(٢) البيت بلا نسبة فى الدرر ٥ / ٢١ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٢٢ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٦٩ ، وهمع الهوامع ٢ / ٤٩.