ولما كان عوضا من الجملة ، وكان وجود الجملة معطيا لـ «إذ» شبها بالموصول استحقت به البناء ، قام التنوين مقامها فى إيجاب بناء «إذ».
وزعم الأخفش أن كسرة ذال «حينئذ» كسرة إعراب ، وأن «إذ» إنما بنيت لإضافتها إلى الجملة. فلما حذفت الجملة عاد إليها الإعراب ، فجرت بالإضافة.
ويبطل رأيه أن ذلك الكسر يوجد دون إضافة إلى «إذ» ؛ فإنه قد روى عن العرب موضع «كان ذلك حينئذ» : «كان ذلك إذ». وهذا بين ـ والله أعلم ـ.
ومنه قول الشاعر : [من الوافر]
نهيتك عن طلابك أمّ عمرو |
|
بعاقبة وأنت إذ صحيح (١) |
وزعم الأخفش ـ أيضا ـ أنه أراد «حينئذ» فحذف «حينا» وأبقى جر «إذ» ، وهذا بعيد. وغير قول الأخفش أولى بالصواب ، والله أعلم.
وبعد من حيث أن «حينا» بمعنى «وقت» ، و «إذ» معناها : وقت ، ومثل هذه الإضافة فى تقدير الاطراح فلا ينوى مع الحذف ـ والله أعلم ـ.
(ص)
ومثل (إذ) معنى كـ (إذ) أضيفا |
|
للجملتين وافتحن تخفيفا |
وقبل فعل ماض البنا رجح |
|
والعكس قبل غيره أيضا وضح |
وما بـ (إذ) ألحق ثمّ ثنّى |
|
فليس عن إعرابه تستغنى |
(ش) معلوم أن «إذ» دال على زمن ماض مبهم غير محدود ؛ فأى اسم وافقه فى معناه جاز أن يضاف إلى جملة ماضية المعنى ، اسمية كانت ، أو فعلية نحو : «الحين» و «الوقت» و «السّاعة» و «الزّمان» ؛ وكذا «اليوم» ؛ لأن اليوم عند العرب لا يختص بالنهار إلا بقرينة ؛ مثل أن يقال : «لا آتيك فى يوم ولا ليلة».
فإن قلت : لا آتيك يوما ولم تقرنه بـ «ليلة» كان بمعنى «وقت» و «حين» ؛ قال الله ـ تعالى ـ : (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) [القيامة : ٣٠] ، وهذا لا يختص بليل ، ولا نهار ؛
__________________
(١) البيت لأبى ذؤيب الهذلى فى خزانة الأدب ٦ / ٥٣٩ ، ٥٤٣ ، ٥٤٤ ، وشرح أشعار الهذليين ١ / ١٧١ ، وشرح شواهد المغنى ص ٢٦٠ ، ولسان العرب (أذذ) ، (شلل) ، ١٥ / ٤٦٢ (إذ) ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٤ / ٣٠١ ، وتذكرة النحاة ص ٣٧٩ ، والجنى الدانى ص ١٨٧ ، ٤٩٠ ، وجواهر الأدب ص ١٣٨ ، والخصائص ٢ / ٣٧٦ ، ورصف المبانى ص ٣٤٧ ، وسر صناعة الإعراب ص ٥٠٤ ، ٥٠٥ ، وشرح المفصل ٣ / ٣١ ، ومغنى اللبيب ص ٨٦ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٦١.