وهذا التقدير نظير ما تقدم فى نحو قوله ـ تعالى ـ : (وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) [يوسف : ٢٠].
ومما يوهم الفصل بأجنبى قول الله ـ تعالى ـ : (إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) [الطارق : ٨ ، ٩]
قال الزمخشرى : («يوم تبلى السرائر» منصوب بـ «رجعه») ؛ فيلزم من قوله : الفصل بأجنبى بين مصدر ومعموله ، والإخبار عن موصول قبل تمام صلته.
والوجه الجيد أن يقدر ناصب لـ «يوم» كأنه قيل : يرجعه يوم تبلى السرائر.
ومما يوهم الفصل بأجنبى ؛ قول الشاعر : [من البسيط]
المنّ للذّم داع بالعطاء فلا |
|
تمنن فتلفى بلا حمد ولا مال (١) |
فالذى يسبق إلى ذهن سامع هذا البيت : أن الباء الجارة لـ «العطاء» متعلقة بـ «المنّ» ؛ ليكون التقدير : المن بالعطاء داع للذم. وعليه مدار المعنى.
إلا أن ذلك التقدير ممنوع ، فى الإعراب ؛ لاستلزامه فصلا بأجنبى بين مصدر ومعموله ، وإخبارا عن موصول قبل تمام صلته.
والمخلص من ذلك تعليق الباء بمحذوف كأنه قيل : المن للذم داع المن بالعطاء.
فـ «المنّ» الثانى بدل من «المنّ» الأول فحذف وأبقى ما يتعلق به دليلا عليه.
ويجوز أن يكون «بالعطاء» متعلقا بـ «لا تمنن» ، أو بفعل من معناه مضمر يدل عليه الظاهر.
وإلى مثل هذه المحاولة أشرت بقولى :
... |
|
... أو حاول العذر تجد |
(ص)
وجرّ ما يتبع مجرورا به |
|
مجوّزا لرفعه أو نصبه |
كمثل : (داينت بها حسّانا |
|
مخافة الإفلاس واللّيانا) |
وإن لمفعول أضيف وحذف |
|
فاعله كـ (اقصد إراحة الدّنف) |
فاجرر أو انصب تابع المضاف له |
|
والرّفع إن أتاك فاعذر قائله |
__________________
(١) البيت بلا نسبة فى شرح الأشمونى ٢ / ٣٣٨.