ولو قصد باسم الفاعل المضى لم يعمل ؛ لأنه لم يشبه لفظه لفظ الفعل الذى هو بمعناه.
بخلاف المقصود به الحال أو الاستقبال ؛ فإن لفظه شبيه بلفظ الفعل المدلول به على الحال أو الاستقبال ، وهو المضارع.
ألا ترى أن قولك «ضارب» على أربعة أحرف : ثانيها ساكن ، وغيره متحرك؟ ، وكذلك المضارع.
وهذا لا تجده ثابتا بين اسم الفاعل المراد به المضى وبين الفعل الذى فى معناه ؛ فلذلك انفرد بالعمل الموافق للمضارع.
وسيأتى الكلام على حكم الكسائى على اسم الفاعل المراد به المضى بالإعمال.
والخلاف إنما هو فى المجرد من الألف واللام. وأما الملتبس بهما ؛ فلا خلاف فى إعماله.
وأشرت بقولى :
وقد يكون نعت معلوم حذف |
|
فيستحقّ العمل الّذى وصف |
إلى نحو قوله ـ تعالى ـ (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) [فاطر : ٢٨]
فـ «مختلف» قد عمل وهو غير معتمد على استفهام ، ولا نفى ، ولا على مخبر عنه ، ولا على صاحب حال ولا منعوت ملفوظ به ، بل مقدر كأنه قيل : ومن الناس والدواب والأنعام صنف مختلف ألوانه ؛ ومثله قول الشاعر وهو الأعشى : [من البسيط]
كناطح صخرة يوما ليوهنها |
|
فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل (١) |
ومثله قول عمر بن أبى ربيعة : [من الطويل]
وكم مالئ عينيه من شيء غيره |
|
إذا راح نحو الجمرة البيض كالدّمى (٢) |
__________________
(١) الوعل : تيس الجبل. (القاموس ـ وعل).
البيت فى ديوانه ص ١١١ ، وشرح التصريح ٢ / ٦٦ ، وتاج العروس (وعل) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٢٩ ، وبلا نسبة فى الأغانى ٩ / ١٤٩ ، وأوضح المسالك ٣ / ٢١٨ ، والرد على النحاة ص ٧٤ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٤١ ، وشرح شذور الذهب ص ٥٠١ ، وشرح ابن عقيل ص ٤٢١.
(٢) البيت فى ديوانه ص ٤٥٩ ، والكتاب ١ / ١٦٥ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٣١.