على نصب ما كان فاعلا قبل دخولها دلالة على تجدد اللزوم ، والانتقال إلى بنية مخصوصة بعدم التعدى وهى بنية «فعل».
ويؤيد ذلك أن العرب قد تستغنى فى التعجب عن «أفعل» بـ «فعل» كقولهم : «قضو الرّجل فلان» بمعنى : «ما أقضاه» ، و «علم الرّجل هو» بمعنى : «ما أعلمه».
فعلم بذلك أن «ضرب» حين قصد به التعجب حول إلى «ضرب» ليصير على بنية أفعال الغرائز ؛ إذ لا يتعجب من معنى إلا وهو غريزة أو كالغريزة.
ثم بعد تحويله إلى «فعل» تقديرا تدخل عليه الهمزة كدخولها على «حسن» وغيره مما هو على «فعل» فى أصله ، ويعامل معاملته.
فإن كان قبل التعجب متعديا إلى اثنين دخلت اللام بعد التحويل على أولهما ، ونصب ثانيهما نحو : «ما أكسى زيدا للقوم الثّياب» و «ما أظنّنى لعمرو صديقا» ، وهو منصوب عند البصريين محذوف دل عليه «أفعل» ، وعند الكوفيين بـ «أفعل» نفسه.
وأما «أفعل» فقد تقدم أن لفظه لفظ الأمر ، ومعناه التعجب وينبغى الآن أن يعلم أن همزته همزة الصيرورة فأصل «أحسن بزيد» : أحسن زيد أى : صار ذا حسن ؛ كما يقال : «أثرى الرّجل» أى : صار ذا ثروة ، و «أفلس» أى : صار ذا فلوس و «أظرف» أى : صار ذا ظروف ، و «أكلت الشّجرة ، وأجنت» أى : صارت ذات أكل وجنى و «أبسرت النّخلة ، وأتمرت» أى : صارت ذات بسر وتمر.
وإلى هذا أشرت بقولى.
... |
|
وصار ذا كذا بـ (أفعل) عقلا |
ولا خلاف فى منع تقديم المتعجب منه على فعل التعجب ، ولا فى منع الفصل بينهما بغير ظرف ، وجار ومجرور.
وفى الفصل بينهما بالظرف والجار والمجرور خلاف.
والصحيح جوازه لثبوت ذلك عن العرب كقول الشاعر : [من الطويل]
وقال نبى المسلمين تقدّموا |
|
وأحبب إلينا أن تكون المقدّما (١) |
__________________
(١) البيت لعباس بن مرداس فى ديوانه ص ١٠٢ ، والدرر ٥ / ٢٣٤ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٦٥٦ ، وبلا نسبة فى الجنى الدانى ص ٤٩ ، والدرر ٥ / ٢٤٢ ، ٦ / ٣٢١ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٦٤ ، وشرح التصريح ٢ / ٨٩ ، وشرح ابن عقيل ص ٤٥١ ، ولسان العرب ، (حبب) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٩٣ ، وهمع الهوامع ٢ / ٩٠ ، ٩١ ، ٢٢٧.